ومن هذه الاجتهادات ما ذكره ابن عابدين أن مشايخ بلخ، والنسفي أجازوا حمل الطعام ببعض المحمول، ونسج الثوب ببعض المنسوج لتعامل أهل بلادهم بذلك، وللحاجة مع أن ذلك خلاف القياس، وأن متقدمي الحنفية صرحوا بعدم جوازه (?) .

وذكر أيضًا أن بعض قدماء الحنفية لما سئلوا عن النسبة المئوية التي يأخذها السمسار مثل 10 % قالوا: ذاك حرام عليهم، وإنما يجب لهم أجر المثل. بينما أجازه بعضهم مثل محمد بن سلمة حيث سئل عن أجرة السمسار فقال: أرجو أنه لا بأس به – وإن كان في الأصل فاسدًا -، لكثرة التعامل، وكثير من هذا غير جائز فجوزوه لحاجة الناس إليه ... (?) .

ولهذه القاعدة أدلة عملية من السنَّة المشَرَّفة، منها أن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح بيع العرايا (?) . مع أن أصلها يدخل في باب الربا، حيث لم يجوز صلى الله عليه وسلم بيع التمر بالرطب (?) لوجود النقصان، وعدم تحقيق التماثل الحقيقي، ومع ذلك أباح العرايا لحاجة الناس إليها، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " وأباح بيع العرايا ... عند الحاجة مع أن ذلك يدخل في الربا ... " (?) " ويقول أيضًا: "الشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم " (?) ويقول: "والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه في البيع لأجل نوع من الغرر، بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015