كلمة
معَالي الدكتور محمّد الحبيب بن الخوجَة
الأمين العَام لمجمَع الفِقه الإسلاَمي
بسم الله الرحم الرحيم
الحمد لله الحق المبين الذي خلق السموات والأرض وما بينهما بالحق وهو العزيز الحكيم، نحمده جلت قدرته، وعز سلطانه، تجلّى بألوهيته ووحدانيته على ما أبدعه من أكوان، وخلقه من عوالم، وأوجده من سنن، وأقامه من نظم، فنواميسه ثابتة لا تختل، مطردة لا تتخلف، تسيطر على الوجود بما فيه ومن فيه، سيطرة تضمن انتصار الحق والعدل، وانهزام الباطل والبغي. {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [لقمان: 30] .
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأنزل الكتاب بالحق والميزان، وشرع للناس مناهج الحق وهدى إليها سبيلًا، وألزم عباده المؤمنين الأخذ بها، وعدم الحَيْدة عنها بقوله مخاطبًا رسوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 18-19] .
وأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وأقام في أمته يتلو عليهم آيات ربه، ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وينهاهم عن التلبيس والتخليط وكتمان الحق وكل ما يورث الفتنة بين الناس، أو يحدث فيهم البلبلة والاضطراب مذكرًا إياهم بقوله عز وجل: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 42] .
ومركزًا في قلوب المؤمنين حقيقة هذا الدين وقيامه على منهاج الحق محذرًا من الالتواء ومجاراة الأهواء، تاليًا عليهم قوله جل وعلا: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 71] .