وهذا ظاهر بأن الفقهاء تكلموا في هذه المسألة فنرى أنهم أجازوا للإمام من سهم سبيل الله أن يقيم مشاريع ذات ريع وأما من سهم الفقراء والمساكين فإنهم لم يجيزوا ذلك فيه. وقد ذكر شمس الدين الرملي في شرح المنهاج للنووي أن الفقير والمسكين إن لم يحسن كل منهما كسبا بحرفة ولا تجارة يعطى كفايته أو يعطى كفاية ما بقي من العمر الغالب لأمثاله في بلده، وليس المراد بإعطاء من لم يحسن الكسب إعطاؤه نقدا يكفيه تلك المدة بل ما يكفيه دخله منه ويُشترى له به عقار يستغله ويغتني به عن الزكاة فيملكه ويورث عنه.

وقالوا: إن الأصناف الأربعة في الآية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} يدفع لهم نصيبهم من الصدقات على أنه ملك لهم، وفي الأربعة الأخيرة يجوز صرف نصيبهم إلى جهات الحاجات المعتبرة والصفات التي لأجلها استحقوا سهم الزكاة ويصرف مثلا سهم الغزاة إلى إعداد ما يحتاجون إليه في الغزو وفي هذا أو بعد هذا فإننا نفهم، أنه يجوز توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع من سهم سبيل الله وأما من سهم الفقراء والمساكين وهم محتاجون حاجة ملحة، كما رأينا بالأمس عرض صور بعض الحاجات.

إنني أرى أنه لا يجوز بحال أن نجعل سهم الفقراء أو نقيم من سهم الفقراء مشاريع ذات ريع بل نقضيه حالا يعني نقضيه فوريا لأن بعض الفقهاء يبينون ويقولون كما في نفس المجلد من المجموع: وينبغي للإمام وللساعي إذا فوض إليه تفريق الزكوات أن يعتني بقسط المستحقين ومعرفة أعدادهم وقدر حاجاتهم واستحقاقهم بحيث يقع الفراغ من جميع الزكوات بعد معرفة ذلك معه ليتعجل وصول حقوقهم إليهم وليأمن من هلاك المال عنده ولهذا أرى أن لا ضرورة أن نقيم مشاريع ذات ريع من سهم الفقراء والمساكين ونجيز، وأرى أنه من الممكن أن نقيم من سهم في سبيل الله مشاريع ذات ريع. وشكرًا.

الشيخ مصطفى الزرقاء

بسم الله الرحمن الرحيم ...

إخواني الأساتذة الكرام ... أحببت أن أسمع كثيرا قبل أن أتكلم وقد رأيت أن في حصيلة ما سمعت أنه لا بد أن نعلن ونقول: إننا في معالجة قضايا الزكاة وهي من أهم القضايا التي ظهر شأنها مضاعفا أضعافا في هذا العصر كما تعلمون أننا إذا أردنا أن نعالج مشكلاتنا فيها الزمنية والعوائق التي تحول دون الاستفادة من الزكاة هذا النظام الإلهي العظيم الذي تبين أنه لا تنحل مشكلات البشرية إلا على أساسه إذا أردنا أن نعالجها في هذا العصر بالفكر السابق الفقهي الذي رآه فقهاؤنا الأولون مع مزيد احترامي وإجلالي، ورجائي أن يكونوا شفعائي عند الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015