أعود لموضوع التمليك وأقول تعقيبا وتعليقا على الكلام الذي تفضل به أستاذنا الشيخ تقي. التمليك في الواقع الفردي نوعان، التمليك الفردي نوعان: تمليك متميز، وتمليك شائع، فيمكن أن نملك مجموعة من الفقراء مصنعا أقمناه لهم، وهذه قضية أعتبر أنها يجب أن تكون منتهية في النقاش عند من يصر على أن يكون التمليك عنصرا موجودا سواء أكان فورا أو على التراخي.عندما نأخذ بهذا المبدأ يجب أن لا نفرق بين التمليك الفردي المباشر أو التمليك الفردي الشائع، التمليك الفردي المتميز والتمليك الفردي الشائع، ونعتبر أن هذه القضية قد تم الاتفاق عليها وانتهت.

هناك تمليك المؤسسة وتمليك المؤسسة في الواقع يقودنا إلى فكرة وجدت في تاريخنا الإسلامي بيت مال المسلمين نص علماؤنا على أن له أقساما متعددة ولكن قسم شخصيته المتميزة من حيث التملك. وقالوا: إن بيت مال المسلمين فيه قسم خاص بأموال الزكاة. وهذا القسم في الواقع يملك أموال الزكاة كجهة قبل أن ينقلها إلى التوزيع في تلك اللحظة تعتبر المسئولية المالية ومسئولية المحاسبة والتسجيل في إطار هذا القسم بحيث نص العلماء بكل وضوح على ألا تختلط أموال هذا القسم من بيت المال بأموال بيت المال الأخرى، هذه الأموال في تلك اللحظة، لحظة وجودها في بيت المال الخاص بالزكاة، نعم هي مآلها للفقراء وهذه الجهة يجب أن توزعها للفقراء.

أذكر أنني قرأت في بعض المراجع ويمكن أن نستوثق من هذا النص طويلا لأنه يعطينا تنويرا كبيرا أن عمر بن عبد العزيز قد بنى استراحات على طرق المسافرين في ظل فهمه رضي الله عنه لسهم ابن السبيل. وأن هذه الاستراحات أرادها للمسافرين المنقطعين هذه الاستراحات عندما تبنى على قطعة من الأرض هي ملك من؟ هذا مسافر منقطع يقيم فترة ثم يذهب إلى بلده. في هذه اللحظة هي ملك من؟ هي ملك بيت مال المسلمين في قسم الزكاة فهو القسم الخاص بالزكاة تابع له كملكية اعتبارية، لكن بحيث تكون الجهة المنتفعة هي مصرف للزكاة المقرر. في موضوع المشاريع التأهيلية وموضوع إيواء المسلمين نحن أمام حاجة ملحة الآن يفرضها الواقع الاجتماعي، نحن لدينا الآن في الأردن مئات من المسلمين مضطرون في الواقع إلى بناء منزل لإيوائهم. من يملك هذا المنزل؟ الواقع الذي يملك هذا المنزل صندوق الزكاة، ولكن على أن يكون متمحصا لمصلحة المسلمين الفقراء. نريد أن نقيم مشروعا تأهيليا لتعليم المعاقين وأنتم تعلمون الآن باتت مجتمعاتنا تشكو من كثرة المعاقين سمعيا، وبصريا، وعقليا، وغير ذلك كيف ستعطى للمتخلف عقليا مبلغا من المال يعيش منه؟ نريد أن نؤهله أولا ليكون قادرا على الاحتراف ولو في حرفة بسيطة. ثم بعد ذلك نطلقه إلى المجتمع شخصا نافعا. لا بد أن تكون هنالك جهة مرتبطة بصندوق الزكاة تمكننا من تأهيل هذا المعاق، فلذلك أرجو أن نميز أولا بين حالات التمليك فننتهي من بعض القضايا ثم نسلط البحث على القضايا التي يمكن أن يكون فيها خلاف لنبلور موقفا شرعيا محددا منها. وشكرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015