ولا يقتصر هذا الواجب الجماعي على المشروعات العلمية المختلفة التي تعدونها، ولا على المؤتمرات واللقاءات التي تقومون بها بل يتجاوز ذلك إلى جملة وظائف، منها:
بيان تعاليم الإسلام السمحة التي يتقوم بها السلوك، وينضبط بها السير وتشد الفرد والجماعة إليها بما فيها من سهولة ويسر.
ومنها: بث القيم والمبادئ التي يعتمدها الإسلام منهجا للحياة وذلك بوسطيته التي تجمع بين جانبي الروح والمادة، وطلب الدنيا والآخرة والقيام بالعبادة مع تحقيق معاني الاستخلاف في الأرض.
ومنها: عرض المتغيرات والقضايا المستجدة على أصول الشريعة الإسلامية التي تدرأ ما خبث وتقبل ما حسن وتوجد لكل أمر فيه رضا الله وصلاح الأمة طريقا عملية ووجهاً شرعيا يرتفع به الحرج عن الناس، وإن في القياس والاستحسان والاستصلاح وتحكيم الأعراف المعتبرة شرعا ما يواجه التحديات وييسر على العباد معاشهم ويحقق لهم مصالحهم، فإن من مقاصد الشارع تحقيق مصالح الخلق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما وميسرا)) . ومن حكمته عليه السلام قوله: ((إن الدين يسر، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا)) ، وقوله: ((إن الله شرع الدين فجعله سهلا سمحا واسعا ولم يجعله ضيقا)) .
ومنها: بيان الأوجه العملية والطرق القريبة لمحاربة أسباب التخلف والضعف والوهن في المجتمعات الإسلامية وتجميع أسباب العزة والقوة والمنعة التي بفضلها تعود هذه الأمة من الافتراق إلى الاتفاق، ومن الاختلاف إلى الوحدة، وفي هذا المسمى تكمن أسرار العبادة الخالصة لله التي يجزي سبحانه عنها عباده.
تلك هي الأهداف التي يعمل المجمع من أجل تحقيقها وتلك هي الرسالة التي يجب أن يضطلع العلماء في هذا العصر بها على الوجه الأكمل، وهم قادرون على ذلك، ماضون للوصول إلى ما يؤملون، والله من وراء القصد، وهو ولي التوفيق.
أشكركم مرة ثانية وأذكر بأن حسن الأداء والخروج بقرارات واضحة في هذا اللقاء المبارك لدلالة أخرى على وجود الإرادة الإسلامية في هذا الزمن، وفي كل زمان إن شاء الله مواجهة للتحدي والتحديات.
أرجو المعذرة أن أطلت وإن أفضت ببعض العاطفة التي أشعر بها في مثل هذا الموقف، وأسلم عليكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.