الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد، فإني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بإخوة في الله في الدورة الثانية لمجمع الفقه الإسلامي واسأل الله عز وجل أن يجعله لقاء مباركًا ويوفق هذا المجمع لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد ويمنحهم إصابة الحق وأن يمنح أعضاءه إصابة الحق في كل ما يجتمعون عليه وفي كل ما يقرون وأن ينفع بهم المسلمين إنه جل وعلا جواد كريم. ثم أشكر القائمين على هذا المجمع على دعوتهم لي للمشاركة في هذه الدورة وإنه ليسرني كثيرًا أن أشارك إخواني في هذه الدورة وأن أدعو لهم بالمزيد من التوفيق.
ولقد سررت كثيرًا لما تضمنته كلمة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز وفقه الله من التوجيه والبيان والإرشاد والتشجيع على ما ينبغي لهذا المجمع أن يقوم به بما في ذلك من النفع العام للمسلمين لأن القرارات التي يتخذها الجماعة من العلماء يستعان بها كثيرًا في حل المشاكل وإيضاح الحق وإبطال الباطل ولا ريب أن الرأي الجماعي له فائدته وله منزلته في الدين، ولا ريب أيضًا أن كل إنسان من أهل العلم يحتاج إلى التعاون مع إخوانه أهل العلم في حل المشاكل وفي إيضاح الحق في مسائل الخلاف وفي إيضاح الدليل الذي يستند عليه من يرجح أحد القولين أو الأقوال على القول الثاني أو الأقوال الأخرى، فإذا اجتمع علماء الإسلام في مسألة يدرسونها أو في مسألة يدرسونها وينظرون في وجه الدليل الذي استنبط منه الحكم لا شك أن لهذا أثره العظيم وفائدته كبيرة، وإني لأرجو أن يوفق هذا المجمع لما فيه الخير الكثير للمسلمين وحل المشاكل التي قد استعصى كثير منها على كثير من أهل العلم فيوفق هذا المجمع لحلها وإيضاحها بالدليل. وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)) متفق على صحته. فالتفقه في الدين من أفضل القربات ومن أعظم الأعمال الصالحات فإن في ذلك عونًا لعلماء المسلمين وعونًا للمسلمين أيضًا على معرفة ما أوجب الله عليهم وما حرم الله عليهم حتى يؤدوا الواجب على بصيرة وحتى يدعوا ما حرم الله على بصيرة وإن وصيتي لإخواني أعضاء المجلس أن يعلوا بهذا المجمع، أن يعلوا به كثيرًا، ويعدوا العدة لكل دورة ما أمكنهم في إيضاح المسائل وإقامة الدليل والعناية بمعرفة صحة الدليل وما يبين ضعف الدليل الذي يتمسك به بعض الناس وبيان وجه صحة الدليل من جهة أخرى فإن الأحاديث التي قد يستند بها أصحاب القول الذي يرجحونها على القول الثاني قد يكون فيها من الطعن والعلة ما يمنع التعلق بها فإن الأحاديث التي جاءت في المسائل الفقهية فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف وفيها الموضوع، فمن الواجب على أعضاء هذا المجمع أن يعنوا بهذه الأدلة الحديثية ويحرصوا على إيضاح الصحيح منها والضعيف والموضوع مع إيضاح وجه الاحتجاج وبيان وجه ما في الحديث الذي احتج به من قاله، أما الآيات الكريمات فالغالب بحمد الله روح المعنى فيها؛ ولكن لا مانع أيضًا من العناية ببيان معنى الآية التي يتعلق بها الحكم ووجه الاستدلال بها عليه وكلام أهل العلم في ذلك. وإذا وضع لهذه المعاني بحوث مستوفاة كان ذلك مما يعين أعضاء هذا المجمع على إيضاح الحق وعلى اجتماع القول فيه وعدم الخلاف أو قلته. والله جل وعلا المسؤول أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه وأن يمنحنا جميعًا إصابة الحق في القول والعمل وأن يوفق الأمة جميعًا لكل ما فيه صلاحها ونجاتها وسعادتها في الدنيا والآخرة وأن يوفق علماء المسلمين أينما كانوا لإصابة الحق في أقوالهم وأعمالهم وأن يعينهم على الدعوة إليه والأخذ بما يرضيه سبحانه وتعالى وأن يعينهم على إيضاح غلط الغالطين وخطأ المخطئين وأن يوفق علماء المسلمين لإقامة الحق أينما كانوا وإيضاحه بالدليل ودحر الباطل وإيضاح وجه بطلانه، كما اسأله سبحانه أن يوفق حكام المسلمين في كل مكان لتحكيم الشريعة والحكم بها ونصر الحق وتأييده ورد الباطل وتفنيده. وأن يعين الجميع على كل ما فيه رضاه وصلاح عباده إنه سميع قريب وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.