وعلى أساس هذه النصوص القطعية قد اجتمعت الأمة الإسلامية على أن كل من ادعى النبوة والرسالة أو بأنه ينزل عليه وحي يجب اتباعه كحجة شرعية، فإنه كافر خارج عن الملة.
يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى في الشفاء (ص 362 طبع الهند) ، "لأنه أخبر أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره أن مفهومه المراد به دون تأويل ولا تخصيص، ولا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعًا إجماعيًا وسمعًا" يقول الشيخ علي القاري في شرح الفقه الأكبر ص 202:
"ودعوة النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع ".
ولم يفرق هذه النصوص القطعية ولا الإجماع المنعقد على هذه العقيدة بين دعوى النبوة التشريعية وغير التشريعية، فكل منهما كفرلا مجال له في الإسلام.
وبما أن مرزا غلام أحمد القادياني قد ادعى لنفسه النبوة والرسالة كما هو ظاهر من مقتبسات كتبه المذكورة في ضميمة "الف" من الاستفتاء، فإنه كافر خارج عن الإسلام، وأما ما تأول به من أن نبوته ظل لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذا التأويل لا يفيد في هذا الصدد شيئًا، وذلك لوجهين:
الأول: أننا قد ذكرنا أن عقيدة ختم النبوة لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، ولذلك أبدًا عن تأويل يتأول به، ولا دليل يعتمد عليه، وإنما حكمت بكفره وخروجه عن الإسلام بمجرد ادعائه النبوة، ولذلك قاتل الصحابة رضي الله عنهم مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وطليحة بن خويلد المتنبئين الذين كان عندهم تأويل ما يدعونه من النبوة والرسالة.
والوجه الثاني: النبوة الظلية أو البروزية التي تأول بها المتنبي القادياني ليست في زعمه نبوة دون نبوة الأنبياء الآخرين، وإنما هي نبوة تفوق درجة على نبوة جميع الأنبياء بني إسرائيل فإن هذه النبوة كما يزعمها المتنبي القادياني لا يعطاها أي أحد من الناس، حتى يجوز جميع فضائل سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بين جميع أوصاف كماله، بحيث يصبح ظهورًا ثانيًا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذلك ادعى هذا المتنبي الكذاب في كتابه "ايك غلطى كا ازاله" (ص 10 و 11) :
"وسماني الله محمدًا وأحمد في "براهين أحمدية" قبل عرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولأنني محمد ظليًا، ولذا لم ينفض ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا وانعكست الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله؟ "
ويقول ابنه مرزا بشير أحمد القادياني في كتابه "كلمة الفصل" وريويو آف ريلجينز مارس أبريل، 1915م:
"ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون بالضرورة –كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداده قلة وكثرة إلا أن المسيح الموعود (يعني به مرزا غلام أحمد القادياني) أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال له "النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) قبل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم.