الشيخ خليل محيي الدين الميس:

بسم الله الرحمن الرحيم.

مؤتمركم الكريم له عنوان " منظمة المؤتمر الإِسلامي "، نحن مفوضون قانونًا ودينًا بهذه المهمة الكبيرة، فإذن مؤتمر وزراء الخارجية الدول الإِسلامية، طبعًا عندما أصدروا هذا القرار لم يكن في ذهنهم أحكام الوضوء وهي هامة، إنما كان في ذهنهم كيف نعيش مسلمين قانونًا وحياة كاملة، فإذن هذا الموضوع هو صلب مهام المؤتمر، نرجو، لا نقول أن نخرج بقرار توصية، ولكن أن تشكل لجنة لوضع خطة مرحلية – أظن لا يكون الجواب في مؤتمر واحد – على مراحل متعددة، كيف نمهد لهذه الفكرة بأبحاث موزعة ومدروسة. وشكرًا.

الدكتور طه جابر العلواني:

بسم الله الرحمن الرحيم.

هذه الموجة العاطفية العارمة، التي قوبل بها هذان البحثان وخطبة إمام الحرم، موجة تدل على مدى تعلق هذه الأمة بشريعتها والحمد لله، ولكن الذي أود أن أشير إليه وأنبه الأذهان له، أن الصراع بين أعداء الإسلام والمسلمين قد أخذ أطوارًا عديدة منذ البداية، وقد كان الصراع الفكري الحلقة الأهم والأخطر، والثغرة الكبرى التي أتي المسلمون منها، ففي القديم استدرج العقل المسلم إلى متاهات التأويل ودهاليز الباطنية، التي شوهت العقيدة السليمة النقية، وحولت الفقه الإِسلامي من علم يضبط حياة المسلمين بضوابط الشريعة، ويمد ظل حاكمية الله جل شأنه على سائر شجون وشؤون الحياة، إلى علم تستثمر بعض قضاياه في إثارة الخلافات وعقد المناظرات والمنافرات والجدل، حتى لم يجد عقلاء الأمة حلًّا لمصائب تلك الاختلافات والحروب الأهلية، التي كانت تقع أحيانًا في شوارع بغداد، بين أرباب المذاهب المختلفة بدافع التعصب إلا الدعوة إلى الالتزام بتراث الأئمة الأربعة الفقهي، والتوقف عن الاجتهاد خارج ذلك الإِطار، ثم سيادة التقليد المطلق بعد ذلك، لا بالمفهوم الأصولي وحده، ألا وهو قبول قول الغير بلا حجة، بل بمعناه اللغوي والعام، وتحولت الأمة بعد ذلك إلى أمة تحمل عقلية عوام، وطبيعة قطيع، ونفسية عبيد، تسير خلف كل ناعق، وتوقف العقل المسلم عن العطاء، واجتاح الصليبيون أجزاء كثيرة من ديار الإِسلام، ثم استمرت الحروب مائتي عام، ولكن الله جلَّ شأنه قد نصر الأمة بعد ذلك نتيجة اصطلاحات فكرية، وعلمية، وثقافية، وإدارية، وتشريعية، وعسكرية، قام بها المرحوم محمود زنكي ثم صلاح الدين، وتحقق الانتصار العظيم، ثم طال على المسلمين الأمد بعد ذلك وقست منهم القلوب مرة أخرى، وبدأت دورة تراجع ثانية أدت إلى سقوط بغداد بأيدي التتار سنة 656هـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015