الأستاذ يوسف محمود القاسم:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله.
هذا الموضوع في غاية الأهمية، وفي غاية الخطورة، وشكرًا للعلماء الأفاضل الذين كتبوا في هذا الموضوع، وشكرًا للأخ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان الذي عرض عرضًا وافيًا للأبحاث الثلاثة.
القضية – قضية تطبيق الشريعة – تعتبر هي كل شيء بالنسبة لمجمع الفقه الإِسلامي، فلا بد أن تأخذ العناية اللائقة بخطورة هذا الموضوع.
فكرة التدوين أو التقنين، التي أشار إليها الأخ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان فكرة جيدة لكنها في الواقع فكرة جانبية تتخذ أو اتخذت فعلًا سبيلًا للمرواغة في تطبيق الشريعة الإِسلامية، فالتقنين قائم: مشروعات خاصة قدمت لمجلس الشعب المصري، تزيد عن عشرة مشروعات في السبعينات، ثم مشروع محكمة النقض المصرية – قدم سنة 1975م – ثم مشروعات لجان مجلس الشعب الكاملة المتكاملة، في كل فرع من فروع القانون (في المدني، في الجنائي، في المرافعات، في التجاري، في البحري) في كل فرع من فروع القانون، وضعت القوانين الإِسلامية الكاملة المتكاملة، وليست فقط مجرد النصوص، بل والمذكرات التفسيرية الخاصة بكل مادة، حتى لا يقال إن القاضي الذي يدرس الحقوق، كيف يطبق الشريعة وهو لا يعلم منها شيئًا؟ وضعت له المذكرة التفسيرية، لتبين له مصدر كل مادة من أي مذهب من المذاهب الفقهية على اختلافها، هذا كله فضلًا عن مشروعات الأزهر الشريف، لدرجة أن أعضاء هذا المجلس الموقر يندهشون عندما يعلمون أن مجمع البحوث الإِسلامية وضع مشروعات قوانين في كل فرع من فروع القانون مأخوذة من كل مذهب، نقول القانون المدني الإِسلامي من المذهب المالكي، نصوص كاملة متكاملة خاصة، القانون المدني الإِسلامي من المذهب الحنفي، نصوص كاملة متكاملة خاصة، يقول له: ربما بعض البلاد الإِسلامية يريد أن يطبق المذهب المالكي، فلنضع له قانونًا، ولا تزال هذه القوانين قائمة وموجودة وينسخ كثيرة جدًّا، أيضًا مجمع البحوث الإِسلامية، دخل في مجال تنقية القوانين، فوضع مشروعًا يسمي "تنقية القوانين" حتى لا يدع حجة لأي متحجج مبطل، لأنه حينما قيل: إننا نكتفي بالقوانين القائمة، وننقيها مما يخالف الشريعة، وضعت مشروعات بهذه الموضوعات، أحد الزملاء الأفاضل – العلماء الكبار الذي تكلموا – أشار إلى الآيات الكريمة الواردة في سورة المائدة وأنها نزلت في حق أهل الكتاب، في الواقع هذا حق، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} , {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} , {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، هذه نزلت في حق أهل الكتاب، لكن الآية التي بعدها والآيات التالية: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} ، ثم يقول سبحانه في الآية التالية: {وأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ولا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ واحْذَرْهُمْ أن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ فَإن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وإنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} .