الشيخ مصطفى العرجاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وجميع العلماء الأفاضل ما عدا الزميل الأستاذ الدكتور عمر الأشقر، وأستاذنا الفاضل الدكتور إبراهيم الكيلاني، تكلم الجميع في الفروع، ما عداهما تكلما عن بعض جذور المشكلة، ما أصل المشكلة؟ أصل المشكلة يحلها ما نحن فيه الآن، عندما أراد أحد الحكام وضع قانون معين يحكم العلاقات التجارية، وهو بالتحديد محمد علي في مصر، طلب من العلماء أن يضعوا هذا القانون، فاحتكموا إلى المذهبية، هذا يريده مالكيًّا وأخر شافعيًّا وآخر حنفيًَّا وأخر حنبليًّا، فماذا صنع؟ جاء بالقانون كما هو من الغرب، وقال نضعه بصفة مؤقتة – في عام 1830م – إلى أن تتفقوا على رأي، ثم بعد ذلك نطبق الشريعة الإِسلامية، وهذه هي البذرة الأولى لتطبيق النظم الغربية كاملة شاملة، الميلاد غير المشروع للقوانين الغربية في البلاد الإِسلامية، بداية جذور المشكلة المذهبية، عندما تقول لي هذا حرام ما هو الرد؟ أقول لك: أين الحلال؟ أعطني حلًّا، أريد حلًّا، معاملات الناس وحياة الناس لن تنتظر، والأحكام الشرعية مبثوثة وموزعة وتحتاج إلى تجميع، خصوصًا في نطاق المعاملات، والأمور الخلافية، إذا تم وضعها في نظام قانوني معتمد لرأي معين صارت مقرة ومطبقة، ثم بعد ذلك جذور المشكلة، بدأت بهذا القانون، ثم أخذت القوانين الأخرى تتسلل شيئًا فشيئًا، لماذا؟ أيضًا بسبب المذهبية، ومن الذي يقول أن الشريعة الإِسلامية في حاجة الآن إلى إعادة نظر فيها، لوضع قوانين ولوضع كذا أو كذا؟ القوانين موجودة والذين تحدثوا عن القانون الفرنسي، وقالوا إن القانون المدني الفرنسي هو قانون فرنسي، لو دققوا وراجعوا لوجدوا أن جذور هذا القانون مأخوذة من أين؟ مأخوذة من إسبانيا أي بلاد الأندلس، من بلاد الأندلس وبلاد الأندلس ماذا كان فيها؟ كان فيها الفقه المالكي، ولذلك بعض نصوص القانون المدني بدراسة وتحليل وتدقيق فيها نفس العبارات الموجودة في كتب الفقه المالكي، وكلها لا تتعارض مع الشريعة الإِسلامية في المعاملات، إلاَّ في باب الربا، وبعض الأبواب الأخرى المتعلقة بالمقامرة، وبعض الشروط الفاسدة، لو رفعنا هذا الفساد من داخل القانون لكان كما هو، كذلك أيضًا في مصر، الشريعة الإِسلامية منصوص عليها أنها المصدر الرئيسي للتشريع، واجتمع العلماء وبحثوا ودققوا، بل إن الكليات تطورت، صارت كلية الشريعة والقانون، بهدف ماذا؟ بهدف تطبيق الشريعة الإِسلامية، واكتمل القانون بصورة تامة، وذهب إلى مجلس الشعب ثم نام نومة كبرى، لكنه في الواقع موجود، القانون موجود، القانون الإِسلامي موجود، وكذلك أيضًا القانون الجنائي الموجود الآن، إذا طبقنا الحدود والقصاص ورفعنا ما يناقضهما، باقي العقوبات تعد تعازير، ما هو التعزير؟ التعزير عقوبة غير مقدرة شرعًا، متروكة للإِمام أو للمجتهدين، ثم بعد ذلك تصاغ وتوضع، فليست هناك مشكلة، المشكلة هي أن أولياء الأمور يخشون الحاكمية يخشون ماذا؟ إذا نجحت الشريعة الإِسلامية في الاقتصاد، ونجحت في المعاملات المالية، ونجحت في الجنايات، إذًا لا بد أن تطبق في الحكم، لماذا؟ - لأننا – أفنؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض؟ {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} ؟.