الشيخ إبراهيم زيد الكيلاني:

بسم الله الرحمن الرحيم.

أحب أن أعلق أولًا على كلمة " العِلْمانية " أو "العَلْمانية" كما رآها الأخ الكريم، وأقول: إنها تؤدي إلى الإلحاد وتقضي إليه وتشترك معه في أمور كثيرة، من أخطرها إبعاد الدين كليًّا عن الحياة، عن التوجيه وعن التربية والتعليم، العَلْمانية تعني حياد الدولة، إنها ليست مع الدين وليست ضد الدين، فليس لأحد أن يقول: "إنني أريد أن أضع المناهج في التربية والتعليم على أسس إسلامية، وليس لأحد أن يقول: إنني أريد أن أعمق فكرة الإِيمان بالله واليوم الآخر في مؤسسات الدولة أو في المؤسسات الإِعلامية، لأن حياد الدولة يقتضي ألا تتدخل في أمر الدين، هذا الذي تمشي عليه الدول الغربية، وتمشي عليه الدول العربية، التي اتخذت العلمنة طريقًا لها، وأذكر على سبيل المثال أنه كان بيننا في الأردن، وبين دولة عربية شقيقة، صار خطوة لتوحيد المناهج، في فلسفة التربية والتعليم في الأردن العبارة التالية: "تنبثق فلسفة التربية والتعليم من الإِيمان بالله والقيم العليا للأمة العربية" فيها هذه العبارة، من وحي هذه العبارة مؤلف كتاب الطبيعيات للصفوف الابتدائية – كتب وأذكر للصف الرابع الابتدائي – خلق الله السمكة، خلق الله الشجرة، فقال له المؤلف العَلْماني أو العِلْماني: نحن لا توجد عندنا فكرة "الله" نحن لا نوافق أن نضع "خلق الله" قال له: يا أخي أنا فلسفة التربية عندي تقول: "خلق الله" قال: لا نحن لا نوافق عليها يجب أن تحذفها فصارت مشادة ومصارعة انتهت بأن بُني الفعل للمجهول، فقالوا: "خُلِقَتْ السمكة، وخلقتْ الشجرة" فالذين يدافعون عن العَلْمانية ويقولون: لا، ليست هي إلحادًا، هي تفضي إلى الإِلحاد وهي مظلة للإِلحاد، وهي مظلة للكفر وهي كفرٌ وضلال انتشرت في بلاد المسلمين تدريجيًّا لإِبعاد الإسلام عن الحياة، أحب أن أشير إلى نقطة ثانية: إلى دور كليات الحقوق في البلاد العربية والإِسلامية في العلمنة، وفي إبعاد الشريعة الإِسلامية عن الحياة، وما تتلقاه من مساعدات من الدول الغربية، القانون الفرنسي، والقانون السكسوني، كل كلية حقوق: هذا مختص في السكسوني، هذا مختص في الفرنسي، ويجدون دعمًا ومساعدات سخية لأجل تقويتها حتى لا تتصل الشريعة الإِسلامية وتعود إلى الحياة. النقطة الثالثة: التي أحب أن أشير إليها – وقد أشار إليها الأخ الأستاذ إبراهيم – أن تطبيق الشريعة أوسع من التطبيق القانوني، هو إعداد للأمة لتستقبل شريعة الله وتطبيقها بتسليم كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فتطبيق الشريعة الإِسلامية في باكستان، تطبيق الشريعة الإِسلامية في السودان، كان من الذين عارضوه المستغربون الذين تلقوا الدراسة في جامعات الغرب، وعشقوا مناهجه ومذاهبه، وما زالوا يعارضونه – الشريعة الإِسلامية التي كانت مطبقة في كثير من البلاد العربية من الذي حاربها؟ ومن الذي يحاربها؟ أبناء البلد العلمانيون الذين تربوا على أن العلمانية طريق الحياة، ولذلك إذا أردنا أن نعيد الشريعة الإِسلامية فلا بد أن نبدأ بالمناهج، بالكتب والتعليم، بالإِعلام لإِعداد الأمة إعدادًا يستقبل شريعة الله ويقتنع بها، وعلى سبيل المثال أذكر أنه عندما طبقت الشريعة الإِسلامية في السودان، تخصصت إذاعة لندن بمحاربتها وبرصدها، ويعرف إخواننا السودانيون ضغوط الدول الكبرى لإِبعادها، عندما أرادت سوريا أن تجعل قانونًا مدنيًّا مستمدًا من الفقه الإِسلامي بديلًا عن المجلة، كان انقلاب حسني الزعيم – الذي كما تعلمون وكما اعترفت أمريكا نفسها بأنه انقلاب أمريكي – الذي كان أول خطواته أو الخطوة الوحيدة التي عملها، أن ألغى خطوة تطبيق قانون مدني إسلامي، أو تشكيل لجنة لوضع قانون مدني مستمد من الفقه الإِسلامي، واستمدوا قانون مصر الفرنسي، مع العلم كان في تطبيقه طفرة هائلة لا يقبلها أهل القانون، ولكنهم وضعوه وطبقوه، ثم جاؤوا ليطبقوه في الأردن، وفي يوم وليلة: مجلس النواب الأردني أقر القانون السوري،.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015