الشيخ الصديق الضرير:
الواقع أن هذا الموضوع كان من أوائل ما استفسر عنه في بنك فيصل الإسلامي هيئة الرقابة الشرعية، وقد أصدرت فيه فتوى أشار إليها بعض الإخوان وأود أولًا أن أوضح حقيقة هذه الفتوى باختصار.
أولًا من حيث التكييف، الهيئة نظرت في الاستفسار واطلعت على خطابات الضمان المعروفة في السودان والتي قدمها إليها المسئولون في البنك وانتهت منها إلى تكييف لهذه العملية. اقرأه عليكم بالنص – (أول شيء أجازت خطاب الضمان من حيث هو وخلاصة التكييف أن خطاب الضمان قد يكون بغير غطاء، وهنا يكون العقد عقد كفالة كاملة من كل الوجوه ما في هذا شك. الحالة التي يكون فيها بغطاء كلي أو جزئي، هذا يكون العقد عقد وكالة وكفالة معا، وكالة بالنسبة لعلاقة البنك مع العميل، لأن الغطاء الذي وضعه كأنه يقول: له إذا طلب منك فخذ هذا المبلغ وادفعه إلى الطالب. هذا بالنسبة للجزء إذا كان كله وكالة إذا كان جزء يكون وكالة فيما وكل فيه. ويكون كفالة بالنسبة لعلاقة البنك مع الطرف الثالث حتى في هذه الحالة، في حالة وجود الغطاء فبالنسبة لعلاقة البنك مع الطرف الثالث هو كفالة دائما لأن الطرف الثالث يطالب البنك.
ثم تعرضت المسألة لأخذ الأجر فنصت على أنه لا يجوز للبنك أن يأخذ أجرًا بالنسبة للحالة الأولى لأنها كفالة، إذا كان هذا الأجر نظير خطاب الضمان المجرد، لأنه يكون في هذه الحالة قد أخذ أجرًا على الكفالة وهذا ممنوع. وأقول هنا ليس كما قال بعض الاخوة أن هذا إجماع حكاه الفقهاء، يقول الخطاب: وهذا موجود في الفتوى ولا خلاف في منع ضمان بجعل وعلل هذا لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل ألا لله بغير عوض. فأخذ العوض عليه سحت. وقلنا هنا علل ابن عابدين المنع بأن الكفيل مقرض في حق المطلوب وإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه، فهو باطل لأنه ربا. وصرح بأنه ربا وهو المقصود بكلمة سحت في كلام الخطاب. وعللوا هذا بأن الضمان من قبيل التبرعات كالقرض ولم يعللوه بأنه من قبيل الواجبات. فما اعترض به الأخ الأستاذ زكريا بموضوع الأمامة هو خارج عن الموضوع وقياس مع الفارق. في موضوع الإمامة، الإمام يعمل ومع ذلك في العصور الأولى منعوه مع قيامه بهذا العمل قالوا له: أده من غير أجر. فإذا أخذ أجرًا فإنه يأخذ الأجر على عمل، أما الكفيل كفالة مجردة لا يقوم باي عمل. هذا إذا كان الأجر على الكفالة المجردة هذا هو الممنوع، أما إذا كان الأجر الذي يأخذه البنك نظير ما قام به من خدمة ومصاريف خدمة فعلية ومصاريف فعلية تتطلبها إجراءات إكمال خطاب الضمان لا مانع منه شرعًا، هذا أجزناه بالنسبة للحالة التي يكون فيها غطاء، قلنا يجوز أن يأخذ البنك أجرًا في هذه الحالة التي يصدر فيها خطاب الضمان بغطاء.