الأمر الثاني: أن يكون المبلغ مغطى، إذا كان مغطى تغطية كاملة فيجوز أخذ الأجر على ذلك بان يكون البنك وكيلا وأن يقوم بالعملية بالوكالة، والوكالة يجوز فيها الأجر، وهنا تظهر مفارقات عجيبة، لأن البنك حينما يضمن بدون تغطية لا يعطي أجرا وإذا غطى المبلغ يعطي أجرا، وهذا ما يعترض عليه كثير من البنكيين الذين يقولون إن الفتوى عجيبة في حالة الضمان البحت الغير مغطى لا يؤخذ اجر على ذلك وفي حالة التغطية تؤخذ وكالة، وفي الواقع أن التغطية هنا أيضا لابد أن نقول أن هناك نوعان من التغطية، تغطية كاملة ويمكن أن يكيف العقد على أساس وكالة بحتة، وممكن أن تكون التغطية جزئية وهذا هو الواقع في البنوك وهذا هو مدار العمل في البنوك كلها.

أن تكون التغطية جزئية وليست كلية فهناك تغطية بنسبة الربع أو 25 أو 30 % من قيمة المبلغ الذي يراد أن يصدر له خطاب الضمان.

أستاذنا البري لو أراد أن يكيف القضية تكييفا شرعيا على وجه الاستحسان لسألناه ما هو دليل الاستحسان؟ وما هو الترجيح بين الأدلة؟ على الأقل أن يكون هناك دليلان، دليل أرجح من الدليل الآخر، واستطاع أن يرجح دليلا على آخر لوجه المصلحة بالاسترسال بالمرسل فهذا مقبول أيضا. ولكن يبدو لي انه ليس هناك دليل غير العقود القديمة التي يمكن أن يكيف عليها هذا العقد المستحدث. ثم إذا كانت المصلحة أو الحاجة تنزل على أساس أنها ضرورة من الضرورات وهنا أيضا الحكم يعتمد على الضرورة ويجب أن نكيفه على الضرورة، ولكن أين الضرورة؟ ممكن أن يوجد البديل ويمكن أن توجد البدائل وممكن للاقتصاديين أن يدرسوا الموضوع ويجدوا دليلا ومخرجا لا يمكن أن نتحرج منه.

القياس على الواجبات الكفائية أيضا مع الفارق الكبير جدا لأن الواجبات الكفائية عليها يستند عماد الدين، وإذا لم تقم بها الأمة فسدت الأمة ولهذا أجازوا من هذا المخرج، ولكن هنا ضمان، مجرد ضمان مالي يمكن أن نجد عددا من اوجه البدائل. واستغرب من أستاذي الدكتور مصطفي الزرقاء بدأ بأنه استقرت عنده الحرمية كلية، وكان معنا في مجلس من المجالس وفسر لنا وجهة النظر هذه القيمة التي استكشف فيها حجية منع الربا على الأساس الذي شرحه. ولكن في آخر الأمر رجع عن القول وبرره بالمصلحة، واعتقد بأنه ليس هناك مصلحة ملحة بحيث أننا نقول انه لا يوجد بديل. فعلى البنوك الإسلامية كلها أن تحاول إيجاد المخرج، وفي اعتقادي انه ممكن أن يوجد المخرج الذي يستطيع المسلمون أن يسيروا على هديه، والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015