البنوك الربوية تأخذ فائدة على القروض وتأخذ فائدة على فتح الاعتماد وتأخذ فائدة هنا على ما يسمونه إقراض بالتوقيع، يسمونه هذا اقراضًا بالتوقيع. قد يحتاج عميل المصرف في بعض الأحيان إلى نوع من الاعتماد، فهنا إما أن يأتي الاعتماد العادي أو خطاب الضمان لأنه في النهاية نوع من الاعتماد، ولذلك، في الإقراض العادي يحسبون الفائدة في فتح الاعتماد. الفائدة من يوم أخذ العميل، في خطاب الضمان ينظرون إلى المبلغ المضمون، وإلى مدة المبلغ المضمون ويحسبون مبلغًا، نسبة ضئيلة مقابل المبلغ والزمن، فإذا تم الإقراض أخذوا الفائدة المعروفة.
المصارف الإسلامية عندما قامت لتطهير أموال المسلمين من الربا اتضحت الصورة أمامها بالنسبة للإقراض ولفتح الاعتماد، ولذلك فكرت في البديل الإسلامي، بالنسبة للإستقراض يبدو أن الصورة لم تكن واضحة عند بعضهم، ولذلك وجدنا من يسير مثل البنوك الربوية في جعل العمولة مقابل المبلغ والزمن، فإذا أقرض لا يأخذ ربا، ولمجرد الوعد بالإقراض يأخذ فائدة، فإذا أقرض بالفعل لا يأخذ، معناه أن الصورة غير واضحة. وبعض المصارف الإسلامية الأخرى لا تأخذ إلا ما يقابل العمل.
بالنسبة للكلام الذي نسب لابن عابدين. وكي لا يرد هذا القول إلى فتاوى بنك فيصل، أحب أن أقول أن كلام ابن عابدين مثبت وغير ابن عابدين ولذلك أقرأ هنا بعض ما يبين لماذا أجمع الفقهاء على أن الكفالة لا تجوز بأجر ولا بجعل. الإمام مالك كان يرى أن الكفالة من وجه الصدقة، الإمام الشافعي قال: الكفالة استهلاك مال لا كسب مال، وحكى عنه النووي: أن الضمان تبرع أو قرض محض. وقال الإمام النووي الضمان غرر كله بلا مصلحة وقال الكمال ابن الهمام: الكفالة عقد تبرع كالنذر. وقال الدردير. الضامن كالمسلف يرجع بمثل ما أدى. وقال ابن قدامة: الضمين والكفيل على بصيرة أنه لا حظ لهما. فاعتبر الكفالة كالنذر، ولذلك كما قلت أجمعوا على الكفيل لا بد فيه من أهلية التبرع. ثم بين ابن حزم أن الضمان استقراض، وغير ابن حزم كذلك. جاء في فتح القدير للكمال: إذا كان قضاء من جهة الذي أمر صار كما لو قال: اقض عني، ويتضمن ذلك استقراضًا منه، وفيه أيضًا. والحاصل أن الأمر في الكفالة تضمن طلب القرض إذا ذكر لفظ (عن) لأن هنا الحنفية يشترطون لفظ (عن) حتى يعوض الضامن على المضمون، وقال الكاساني: الكفالة بالأمر في حق المطلوب استقراض. إذن هنا ينصون على ذلك، ولذلك بين سبب المنع أكثر من فقيه. جاء في المغني، ذكر كلامًا للإمام أحمد والحنابلة: لو قال: اكفلني ولك كذا لم يجز؟ قال: فإذا أخذ عوضًا صار القرض جارًا للمنفعة، فلم يجز. وقال الدردير في أقرب المسالك: وعلة المنع أن الغريم أن أدى الدين لربه كان الجعل باطلًا، فهو من أكل أموال الناس بالباطل، وإن أداه الحميل لربه ثم رجع به على الغريم كان من السلف بزيادة. وقال الصاوي في شرحه: وقوله كان من السلف بزيادة، أي كان دفعه الدين وأخذه سلفًا والزيادة هي الجعل الذي أخذه. وقال: وحاصل ما في الشارح أن الجعل إذا كان للضامن فإنه يرد قولًا واحدًا. وقال ايضًا: علة المنع موجودة وهي السلف الذي جر نفعًا، وقال ابن عابدين في منحة الخالق على البحر الرائق الجزء السدس صفحة 242: الجعل باطل لأن الكفيل مقرض في حق المطلوب، وإذا شرط له الجعل مع الضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه، فهو باطل لأنه ربا. هذه ناحية.