كلمة
معالي الأستاذ / الحبيب الشطي
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين
وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين
صاحب الجلالة الملك فهد بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية ...
أصحاب السمو الملكي ...
أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة..
أيها الإخوة..
إن سعادتي غامرة بين يدي جلالتكم، وأنتم تشملون المؤتمر التأسيسي لمجمع الفقه الإسلامي برعايتكم السامية في هذا اليوم المشهود من أيام المسلمين، وبذلك تؤكدون عملياً يا صاحب الجلالة سعيكم المتواصل لرفعة الإسلام وعزة المسلمين.
وأرى من واجبي في مستهل هذه الكلمة أن أشكر قادة الدول الإسلامية على استجابتهم بتسمية وفود رفيعة المستوى لتمثل بلادهم في اجتماعات هذا المؤتمر التأسيسي مما يدل على اهتمامهم بهذا الحدث الكبير.
وإنني إذ أرحب بوفود الدول الإسلامية ترحيباً حاراً في هذا البلد الأمين، أعتبر هذا اللقاء فاتحة خير للأعمال المنتظرة من مجمع الفقه الإسلامي الذي سيشرع ابتداء من هذا اليوم في أداء مهمته الجليلة، تحقيقاً لإرادة الأمة الإسلامية التي عبرتم عنها شخصياً يا صاحب الجلالة عندما أعلنتم خلال مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عن رغبة المملكة العربية السعودية في إحداث مجمع الفقه الإسلامي، وسرعان ما تبلورت الفكرة بمصادقة المؤتمر المذكور على قرار خاص بهذا الشأن.
وما تشريف جلالتكم اليوم لافتتاح هذا المؤتمر شخصياً إلا دليل على مدى الاهتمام الذي تولونه لهذا المشروع الذي يعود معظم الفضل في توفير أسباب وجوده إلى جلالتكم.
وهنا نحن نجتمع اليوم لنجني ثمرات ما غرسناه إذ أنه لأول مرة في تاريخنا المعاصر تتوفر لنا أسباب إنشاء مؤسسة كبرى مشتركة بين الدول الإسلامية كافة تعمل في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي. ألا وهي (مجمع الفقه الإسلامي) الذي أصبح اليوم حقيقة واقعة بعد أن كان حلماً يراود مخيلاتنا زمناً طويلاً.
ولا ريب في أن تقلد مجمع الفقه الإسلامي مهمته الجليلة سيلبي حاجة الأمة الإسلامية خلال هذا المنعطف التاريخي من حياتها إلى مؤسسة طال انتظارها، مؤسسة تلتقي فيها اجتهادات فقهائها وعلمائها وحكمائها كي تقدم لهذه الأمة قواعد أصيلة صادرة عن منابع العقيدة الإسلامية الخالدة: كتاب الله الكريم وسنة رسوله المطهرة.
أيها السادة:
لقد واجهت الأمة الإسلامية حيناً من الدهر ظروفاً أبعدتها عن أحكام شريعتها ودفعتها إلى الأخذ بقوانين وضعية لم تألفها من قبل ومع ذلك لم تخل أمتنا من مجموعة رائدة من الدعاة الصالحين والقادة المخلصين المتمسكين بأهداب العقيدة الذين رفعوا عقيرتهم بوجوب الحفاظ على مقوماتنا الإسلامية الأصيلة ونادوا غير هيابين ولا وجلين بنبذ القوانين الدخيلة وبالالتزام بتراثنا الفقهي العظيم وبأحكام شريعتنا باعتبارها جزءاً من عقيدتنا ونبراساً ينير لنا مسالك الحياة ويهدينا إلى سواء السبيل.
ودار الزمان دورته ورحل المستعمر المحتل من معظم بلادنا الإسلامية بعد جهاد طويل وأصبحنا متوفرين في دار الإسلام على مؤسسات وهيئات ومنظمات من شأنها أن توحد كلمتنا وتلم شتاتنا وتدعونا إلى الاعتزاز بمقوماتنا وتشعرنا بالثقة والاطمئنان.