على حالة واحدة ويتلون ويضمحل. . . وشيء كنسيج العنكبوت يظهر في الحر ينزل من السماء كالخيوط البيض في الهواء. . . والخيتعور دويبة سوداء تكون على وجه الماء لا تثبت في موضع إلا ريثما تطرف. . .) اهـ. فيكون هذا الإطلاق على هذه الدويبة سائغ لسرعة زوالها من الحياة.

ثم مررت بجرف الفرات سنة 1904 ومنه انتقلت إلى جرف الخابور، وكان الفصل فصل صيف كما في سفرتي الأولى فسألت عن اسمها فقيل: (الزخرف) والذي نراه في كتب اللغة عن الزخارف: إنها دويبات تطير على الماء ذوات أربع كالذباب قال أوس بن حجر:

تذكر عيناً من غمازة ماؤها. له حدب تستن فيه الزخارف ولا يخفى ما في لونها الأبيض وهي على الماء من الزخرف الذي يبين لكل ذي عينين.

ثم مررت بالفرات سنة 1908 فسألت عن اسمها فقيل لي هي (البعصوصة) والبعصوصة في معاجم اللغة: دويبة صغيرة كالوزغة بيضاء لها بريق من بياضها. قاله أبو عبيده ونقله الجوهري. وقال ابن دريد: هي البعصوص كقربوس. وعلى كل حال لا ترى كيف أن هذه اللفظة توافق هذه الدويبة؛ إلا أن يقال إنها مشتقة من البعص وهو الاضطراب ونحافة البدن وكلاهما ينطبق عليها أتم الانطباق.

ثم عدت إلى بغداد سنة 1909 فمررت بشطوط الفرات فسألت عن اسمها فقيل إنها (الجليلو) والبعض سماها: الجليلة فاتضح لي صحة هذه التسمية كما اتضح لي أن أسماء الشيء الواحد قد تختلف باختلاف القبائل والأنحاء والأصقاع والبقاع وهو أمر جليل.

وعليه فقد صح أن نسميها بعدة أسماء وهي: (ابنة اليوم) لأنها لا تعيش اكثر من ذلك، وهو معنى اسمها العلمي واليوناني (الخيتعور) لأنها سريعة الزوال والاضمحلال. - (والزخرف) لأنها زينة الماء والغدران - والبعصوصة لكثر اضطرابها ونحافة بدنها - والإكليلية أو ذات الإكليل أو المكللة لما يظهر من هيئتها للناظر إليها من الخارج. هذا ما أردنا أن نبينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015