إليها الخليفة أو من ينوب عنه ونقل جرجي زيدان في (153: 5) من تاريخ التمدن الإسلامي أن الناصر لدين الله العباسي كتب سنة 607هـ إلى ملوك الأطراف الذين يعترفون بخلافته أن يشربوا له كأس الفتوة ويلبسوا سراويلها وأن ينتسبوا إليه في رمي البندق ويجعلوه قدوة لهم.
التفتي وشعار الفتوة
يقال: فتى فلان فلانا تفتيه أي جعله فتى من الفتيان. فتفتى هو أي صار فتى. أما شعار الفتوة فقد كان (سراويل) تسمى سراويل الفتوة وينقش صورة كأس أو سراويل أو صورة كلتيهما فيتخذ الفتى هذه الصورة رمزا إلى انه من الفتيان. وإذا رغب امرؤ في التفتي فتقام له إقامة يشهدها الفتيان فيلبس سراويل الفتوة ويشرب كأس الفتوة. وفي صفحة 80 من نسختنا الخطية لتاريخ (الحوادث الجامعة) في حوادث بغداد وما جاورها ما نصه (وفيها -
أي سنة 646 الهجرية - توفي جلال الدين عبد الله بن المختار العلوي الكوفي. كانن عريق النسب كبير القدر أديبا فصيحا، حفظ القرآن في نيف وخمسين يوما. . . وكان يحضر عبد الخليفة الناصر في رمي البندق والفتوة ولعب الحمام، وكان يفتى فيه ويرجع إلى قوله، ولم يزل على ذلك إلى أيام الخليفة المستنصر بالله فأشار عليه أن يلبس سراويل الفتوة من أمير المؤمنين علي عليه السلام وأفتى بجواز ذلك فتوجه الخليفة إلى المشهد ولبس السراويل عند الضريح الشريف، وكان هو النقيب في ذلك) اهـ فالتفتية إذن كانت من حق العلويين ولها عظمة وآبهة يتشرف بها الخلفاء فكيف السوقة؟ وفي صفحة 236 من تاريخ الفخري كلام في الناصر لدين الله منه: (وسمع الحديث النبوي صلوات الله على صاحبه وأسمعه، ولبس لباس الفتوة وألبسه وتفتى له خلق كثير من شرق الأرض وغربها ورمى بالبندق ورمى له ناس كثير) فالناصر لدين الله كان رئيس الفتيان في زمانه وكان الرماة يرمون باسمه والظاهر لنا من هذا انهم يذكرون اسمه حين الرمي.