هذا ولو إن بعثة وولف لم تجر تنقيبات ولم تحاول الحفر في بعض المدن القديمة إلا إنها مهدت الطريق لجامعة بنسلفانية الشهيرة في أطلال نفر ودرست أساليب النبش بصورة

علمية فنية فأمدتها بأنباء سهلت عليها الشروع في العمل.

استمرت البعثتان الأوليان في الحفر والتنقيب مدة ثلاث سنوات أي من سنة 1888 إلى 1891 بإشراف الدكتور جون ب. بيترس وقد وصف هذا النقابة وصفا دقيقا كل ما قام به من الأعمال في كتابه المسمى نفر ثم استؤنف الحفر في البعثة الثالثة ودام نحو ثلاث سنوات أخرى أي من عام 1893 إلى 1896 برئاسة ومشارفة الدكتور ج. هـ. هينس أما البعثة الرابعة فترأسها بصورة رسمية الدكتور هـ. ف. هلبرخت بيد أن التنقيب ظل في عهدة الدكتور هينس فأسفر عن اكتشاف عظيم من صفائح الآجر، وقد استدل علماء الآثار من تلك الكنوز الأدبية على أحقاب تاريخ بابل تقريبا ومعظم تلك الرقم محفوظة اليوم في متحفة جامعة بنسلفانية.

إن البعثة الثالثة كانت فكرة فكرها في بادئ الأمر الدكتور إدجر بنكس الذي غادر مرسيلية في تموز من سنة 1898 قاصدا خليج فارس فثغر البصرة وقد دام سفره نحو عشرين يوما عانى في أثنائها من شدة الحر ومشقة التنقل من بلد إلى آخر ما لا يوصف وقضى ما عدا ذلك عشرة أيام في المحجر الصحي في البصرة لأنه كان قد فشا في تلك السنة داء الهيضة في العراق وبعد ذلك تسنى له القدوم إلى مدينتنا التي سماها بغداد المجيدة في فصل عقده في كتابه (بسمايا أو أدب المفقودة) وقبل أن يشرع في عمله الذي قدم من أجله في العراق قام في طريقه عراقيل جمة حالت دون البلوغ إلى أمنيته وقد نشأت تلك العراقيل من القانون الذي نشر في تركية عام 1887 وهذا القانون كان قد اقتبس من قانون الآثار العتيقة في بلاد اليونانيين وورد فيه منع استخراج الآثار من بطون الأطلال المنبثة في أطراف البلاد القديمة فذهبت أتعابه أدراج الرياح في محاولته إقناع والي بغداد ليسمح له بالشروع في العمل واضطر أخيرا أن يقفل راجعا في تلك السنة نفسها إلى نيويرك في باخرة كان حملها التمر البصري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015