مدخل البحث
لما أفل نجم الدول البويهية في بغداد، عام 447هـ (1055م)، واستولى عليها طغرل بك الملك السلجوقي فأسر آخر أمرائها الملك الرحيم، لعبت السياسة دورا خطيرا على مسرح الدين، واشتد الضغط على أبناء الطائفة الجعفرية فوقع تعد عظيم على عميدها وزعيمها السيد المرتضى فاضطر إلى النزوح إلى النجف فألقى عصاه فيها عام 448 وتبعه جماعة من تلاميذه.
ولما كانت سنة 495 اختط مدينة الحلة الشهيرة ملك سيف الدولة صدقة الأول ابن منصور بن ديبس بن علي بن مزيد الأسدي في محل يسمى الجامعين. وكانت قبل ذلك أجمة تأوي إليها السباع، فلما نزلها تأنق أصحابه في إقامة القصور والمباني الضخمة فيها فصارت كعبة يحجها التجار ويقصدها سائر أرباب المهن وأخذت تتقدم من الوجهتين العمرانية والتجارية حتى إذا جاء عام 280هـ 1184م كانت الحلة من مدن العراق التي يشار إليها بالبنان. ولقربها من مدينة النجف كثرت الصلات بين سكانها وبين سكان الغري فكان لها أثر يذكر في العلم والعرفان والثقافة والتهذيب إذ تطورت فيها الحركة العلمية تطورا مدهشا حتى عاش في قرن واحد نحو خمسمائة عالم كما ترويه بعض الكتب المخطوطة. والنازح إلى ذلك البلد يجد اليوم المراقد الكثيرة والقبور العديدة، أما لمحدث فاضل أو لمفسر كامل أو لفقيه عالم، وحسب الحلة فخرا ومباهاة أن يكون بين أبنائها الشاعر المفلق صفي الدين الحلي والعلامة الحلي المعروف بسعة علمه وغزارة مادته وغيرهما كالشيخ ورام، والمحقق، ومحمد بن نما، وأولاد آل طاووس، وغيرهم.
هذا هو شأن الحلة إبان تأسيسها ولها تاريخ حافل بالمدهشات في أواسط عهدها لم نتعرض لذكره لما فيه من المرامي والغايات السياسية التي لا تتفق وخطة هذه المجلة، أما اليوم فالحلة بلدة كبيرة تقع على ضفتي شط الحلة (الفرات)