عددها حتى أن (الاصطخري) عندما طرق مسامعه أنه كان يوجد مائة وعشرون ألف نهر في عهد بلال بن أبي بردة سنة 118هـ - 736م أرتاب في صحة هذا العدد وعده من قبيل الأوهام حتى اضطر أخيراً أن يذهب بنفسه إلى البصرة ليتحقق ما سمعه وذلك في القرن الرابع للهجرة وهاك ما كتبه بعد الفحص والتدقيق:
(قد كنت أنكر ما ذكر من هذه الأنهار في أيام بلال حتى رأيت كثيراً من تلك البقاع فربما رأيت في مقدار رمية سهم عدداً من الأنهار صغاراً تجري في كلها زوارق صغار ولكل نهر اسم ينسب إلى صاحبه الذي احتفره أو إلى الناحية التي يصب فيها فجوزت أن يكون ذلك في طول هذه المسافة وعرضها) (لاصطخري 80).
وقال نفس هذا القول ابن حوقل في عرض كلامه عن البصرة ودونك إياه (ولها (أي البصرة) نخيل متصلة من عبدسي إلى عبادان نيفاً وخمسين فرسخاً متصلة لا يكون الإنسان منها بمكان إلا وهو في نهر ونخيل أو يكون بحيث يراها) (ابن حوقل 159).
فمن وصف ما تقدم يظهر بأجلى وضوح أن أنهر البصرة كانت أضعاف ما ذكره السيد إبراهيم بن صبغة الله الحيدري البغدادي وفي هذا القدر كفاية لما أردنا بيانه والسلام.
رزوق عيسى
5 - رجوع إلى الحق
قد اطلعت في مجلتكم على سؤال دبجه يراع أحد الفضلاء في (باب المكاتبة والمذاكرة) ص 374 من مجلد هذه السنة وذلك فيما ظهر للسائل الفاضل من تاريخ إمارة إبراهيم وولده موسى وجده مانع وما فيه من الارتباك ونحن قد ذكرنا ما ذكرناه هناك اعتماداً على (مثير الوجد) وقد أهملنا مراجعة ذلك لكن لما أطلعنا على سؤال السائل فهمنا مما لدينا من الأبحاث إن إمارة مانع كانت في سنة 580هـ وإمارة ربيعة كانت في سنة 627 وإمارة موسى كانت في سنة 645 هجرية فيكون هذا أقرب إلى الصواب مما تقدم وأوفق للمقام
هذا ما حققناه. ونحن نشكر السائل الفاضل على انتقاده هذا الذي جعلنا نعتقد أن في مقالتنا هذه حظى في نظره كما أننا سنتابع السير في مثل هذه المواضيع إن شاء الله وإنا نرجو من جميع الأدباء والفضلاء أن يدققوا النظر فيما نكتبه ويذكرونا فيما نهمله وننساه لأن في مثل هذا يكون للإنسان باعثاً للتحري والنشاط.
صاحب الرياض سليمان الدخيل