وما الاكتفاء بذكر بعض من كل في الأمثلة إلا لأن الأحوال كثيرة، ومقتضياتها مثلها، سواء كان ذلك في مجال مراعاة الظاهر أو مخالفته لضرورة بلاغية - كما أشرنا -، وسواء كان ذلك في الحذف أو الذكر أو التقديم أو التأخير أو الفصل أو الوصل أو الإيجاز - حيناً - أو الإطناب آخر أو عند الحاجة إلى التمثيل أو التصوير أو استعمال الكناية أو التعريض في بعض المواقف …… وما إلى ذلك من أساليب يرى البليغ ضرورة استخدامها لمراعاة حال السياق، أو المتكلم نفسه أو المخاطب وما يحيط بذلك المخاطب من ظروف بيئية وثقافية واجتماعية يصعب حصرها هنا، الأمر الذي يتطلب حذق المتكلم ومهارته مع استعداده الفطري واللغوي فضلاً عن ثقافته البلاغية ولباقته المطلوبة لبلورة حديثه وتشكيله وصياغته وفق الغرض الذي يريد، والمقام الذي يلقي فيه حديثه، ليأتي ذلك الحديث مطابقاً للحال مناسباً للمقام مصيباً للهدف واقعاً من نفس السامع أحسن موقع.

يقول الجاحظ رحمه الله:

(ومدار الأمر على إفهام كل قوم بمقدار طاقتهم، والحمل عليهم على أقدار منازلهم) (?) .

لذا كان القرآن الكريم خير حديث وأوقع كلام في نفوس سامعيه، فيه لذات العقول والأرواح ومعه تكون الطمأنينة وراحة الوجدان (?) ، لا يصل إلى مرتبته البيانية بشر من الفصحاء ولا أديب من الأدباء - وإن عاون بعضهم بعضاً -.

قال تعالى (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015