– أيضاً -: (وقد نسب إلى أبي حنيفة رد خبر الواحد إذا خالف الأصول كالاستحسان والاستصحاب، وأنا أعتقد أن أكثر تلك الروايات التي تحكي عن هؤلاء الأئمة مخالفة للقواعد الشرعية لا تصح عنهم، وإنما خرجها على مذاهبهم بعض من غلا في تقليدهم، عندما وجد لهم أقوالاً اعتمدوا فيها القياس، حيث لم تبلغهم الأحاديث فيها، أو لم تتضح لهم دلالتها، فأراد بعض أتباعهم أن يعتذر عنهم بأن تلك الأحاديث آحاد قد خالفت الأصول، ثم أضيفت تلك القواعد إلى مذاهب الأئمة لشهرتها عند أتباعهم ... )
8-لم يَثْبُتْ بناء أي مسألة من المسائل الفقهية على تلك القواعد، كما لم يثبت عن الإمام أبي حنيفة ما يؤيد ما ذهب إليه أولئك القائلين بها.
9-كما توصلت إلى أن كثيراً من هؤلاء – وإن كان من اتباع الإمام أبي حنيفة رحمه الله حفاظ وأئمة أمثال الطحاوي وغيره – قليلة بضاعتهم بعلم الحديث ومصطلحه ومعرفة الرجال والجرح والتعديل والتمييز بين صحيح السنة وسقيمها ومتواترها وآحادها، فهم يصححون ما هو ضعيف عند أهل العلم بالحديث، ويضعفون ما هو ثابت كثبوت الجبال الراسيات عند أهله، ويحكمون بأحادية ما تواتر، وشهرة وتواتر ما ضُعِّفَ أو أُنْكِرَ عند علماء السنة والأثر.
يوضح ذلك ما يأتي:-
1-تصحيحهم لحديث (تكثر الأحاديث لكم بعدي فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه واعلموا أنه مني وما خالفه فردوه واعلموا أني منه بريء) .
مع أنه لا يصح عند أهل العلم بالحديث بل قال بعضهم إنه من وضع الزنادقة.
2-تركهم لحديث فاطمة بنت قيس مع كونه صحيحاً مخرجاً في صحيح مسلم وغيره، وأخذهم بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قوله: (لا نترك كتاب الله وسنة نبينا (لقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة ... )