من وجهين:-
أحدهما:- أن في هذا الحديث بيان أن اليمين في جانب المنكر دون المدعي.
والثاني:- أن فيه بيان أنه لا يجمع بين اليمين والبينة فلا تصلح اليمين متممة للبينة بحال) .
الجواب: لقد سبق أن بينت أن السنة الصحيحة لا تعارض بينها وبين كتاب الله إذ الجميع وحي من عند الله العليم الحكيم، وذكرت الأدلة على عدم وقوع ذلك. كما نقلت أقوال العلماء بل إجماعهم على عدم وقوع التعارض والتضاد بين الكتاب والسنة الآحادية الصحيحة. وحينئذٍ فلا حاجة بنا للإعادة بل تنظر في موطنها.
وما ذكروه في هذا الوجه من عدم أخذهم بحديث النبي (من أنه قضى باليمين مع الشاهد ما هو إلا إمعان في رد السنة الصحيحة الصريحة عن رسول الله وصحبه الكرام والأئمة الأعلام بقواعد موهومة مزعومة، فالحديث – عندهم – لا محالة مردود - مع كونه متواتراً عند أهل العلم والاختصاص - إما لمخالفته الكتاب –كما سبق - أو لمخالفته السنة المشهورة.
ومن العجيب حقاً قصرهم الشهرة في حديث (البينة على المدعي واليمين على من أنكر) دون حديث القضاء بشاهد مع يمين المدعي، مما يدل دلالة لا لبس فيها أن الشهرة معيارها هو: موافقة الحديث لمذهبهم. فما وافق مذهبهم فهو مشهور ولو كان ضعيفاً وربما موضوعاً وما خالف مذهبهم فهو ضعيف أو خبر آحاد لا تقوم به حجة ولو كان في الصحيحين وبقية كتب السنة كحديث القضاء باليمين مع الشاهد.
أما قولهم إن هذا الحديث بيان أن اليمين في جانب المنكر دون المدعي، فلا يسلم لهم القصر وحصر اليمين في جانب المدعى عليه، -وأيضاً -هذا القول مبني على حجية مفهوم المخالفة، والحنفية لا يقولون بحجيته أبداً.
وقد أجاد ابن القيم رحمه الله في رد هذه الدعوى ولحسن جوابه وقوته فقد قمت بنقله بتمامه.
قال ابن القيم الجوزية (?) : - (فصل: منزلة السنة من الكتاب)
والذين ردوا هذه المسألة لهم طرق:-