وأما الحديث الذي عارض حديث بسرة فهو حديث طلق بن علي قال: خرجنا إلى نبي الله (وفداً حتى قدمنا عليه فبايعناه وصلينا معه فجاء رجل كأنه بدوي فقال يا رسول الله: ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ. فقال: (وهل هو إلا بضعة أو مضغة منك) (?)

قال الترمذي (?) : هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب.

وقد ذهب جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة الثلاثة إلى إيجاب الوضوء من مس الذكر (?) .

وذهب بعض الصحابة والتابعين وبعض الفقهاء كأبي حنيفة والثوري وغيرهما إلى عدم نقض الوضوء بمس الذكر (?) .

أقول: من هذا العرض الموجز لأقوال العلماء في تصحيح الحديثين أو تضعيفهما أو تصحيح أحدهما دون الآخر ومن ثم اختلافهم في القول بأيهما، تبين أن سبب الخلاف هو هذا لا ما ذكره متأخرو الحنفية من أن سببه هو مخالفة الحديث لظاهر القرآن.

ومما يؤيد أن هذا هو السبب -وهو تصحيح الحديثين أو تضعيفهما أوأحدهما دون الآخر- أن بعض أهل العلم قد جمع بينهما فقال: يحمل ذكر الوضوء في حديث بسرة على غسل اليدين لا الوضوء الشرعي.

قال ابن قتيبة (?) : (أما عَلِمَ أن كثيراً من أهل الفقه قد ذهبوا إلى أن الوضوء يجب من مس الفرج في المنام واليقظة بهذا الحديث وبالحديث الآخر من مس فرجه فليتوضأ وإن كنا نحن لا نذهب إلى ذلك ونرى أن الوضوء الذي أمر به من مس فرجه غسل اليد لأن الفروج مخارج الحدث والنجاسات ... ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015