فالجواب:لقد بُيِّن أن خبر الواحد الذي صح سنده وعمل به وتلقي بالقبول من قبل علماء الحديث والأثر أنه متيقن وليس فيه شبهة أبداً.
وأما قولهم: إن تعذر الأخذ بهما. فهذه دعوى مجردة عن الدليل، وقد سبق –أيضاً – ذكر البيان الساطع في أنه لا تعارض البتة بين الأدلة الشرعية إلا في حالة النسخ، والعمل بالناسخ هو المتعين.
ط- وأما قولهم: (لأن المتن من الكتاب متيقن به ومتن الحديث لا ينفك عن شبهة، لاحتمال النقل بالمعنى، ثم قوام المعنى بالمتن فإنما يشتغل بالترجيح من حيث المتن أولاً إلى أن يجيء إلى المعنى ولا شك أن الكتاب يترجح باعتبار النقل المتواتر في المتن على خبر الواحد فكانت مخالفة الخبر للكتاب دليلاً ظاهراً على الزيافة فيه) .
قلت: لا خلاف بين أحد من المسلمين في صدق الشق الأول وهو قولهم إن متن الكتاب متيقن، كما أنه لا خلاف بين الأئمة الأربعة وجمهور العلماء في جواز نقل الحديث بالمعنى بما لا يحيل المعنى أو يغيره تغييراً يؤثر على صحة الاستدلال به مما لم نُتَعَبد بلفظه كألفاظ الأذان والإقامة والأذكار والأدعية (?) ، وحينئذٍ فليس هناك كبير فائدة من قولهم لاحتمال النقل بالمعنى؛ لأن الأصل عدم نقله بالمعنى، ولو فُرِضَ -أيضاً - نقله بالمعنى فلا يخلو من أن يكون النقل بالمعنى هو عين المعنى المستفاد من اللفظ النبوي أو لا، فإن كان هو هو سقطت الدعوى، وإن كانت الأخرى فلا يخلو من أن يتكشف خطأ ناقل الحديث إلى معناه الجديد أو لا فإن كُشف الخطأ سقطت الدعوى أيضاً ولزم العمل بالدليل المُبَيِّن، وإن كانت الأخرى فهذا لا يصح فرض وقوعه لما سبق من حكاية الإجماع على أن الله قد تكفل بحفظ دينه وأنه لا يمكن أن تجمع أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم على ضلالة.