إن الأسرة ليست آباء وأبناء وأحفادا، إنما هي هؤلاء حين تجمعهم عقيدة واحدة، وإن الأمة ليست مجموعة أجيال متتابعة من جنس واحد معين، إنما هي مجموعة من المؤمنين مهما اختلفت أجناسهم وأوطانهم وألوانهم، هذا هو التصور الإيماني الصحيح الذي ينبثق من خلال هذا البيان الرباني في كتاب الله الكريم. (?) .
فمن انطوى تحت لواء التوحيد فالخليل (قدوته في كمالات الخير لأنه القدوة في نصب أدلة التوحيد ورفع أعلامها وخفض رايات الشرك، قال تعالى: (إنّ إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ((النحل 120) (?) لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا وثنيا، بعيدا عن الهوى والمطالب النفسية مستجمعا شروط الكمال في نفسه: (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين (. (آل عمران 67) .
لأن ملة التوحيد واحدة والدعوة إليها منهج الأنبياء والمرسلين جميعا قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ((النحل 36) . (?) .
ولذا أمر الله محمدا (- مع علو درجته وعظيم منزلته- بأن يقتدي بأبيه إبراهيم (مسلكا ومنهجا لاستقامته على الطريقة، قال تعالى: (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ((النحل 123) .