فاستفتح الخليل (محاجته بأسلوب يتسم بشيء من الشدة والتوبيخ والاستنكار، مشعراً بأن قضية العقيدة فوق روابط الأبوة والبنوة وفوق مشاعر الحلم والسماحة والمجاملة: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين، وكذلك نُري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين… (. (الأنعام 74، 75) ففي مضمون هذه الآيات إشارة إلى فضيلة صفاء الفطرة التي أخبرنا عنها (عن ربّه تبارك وتعالى: (إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم- أي: استَخَفّوهم فذهبوا بهم في الباطل- وحَرّمَتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرَتْهُم أن يشركوا بِى ما لم أنزل به سلطاناً) الحديث (?) .
يستدل إبراهيم (على إثبات ألوهية الله تعالى وربوبيته من خلال ثلاث صفات: (البقاء والدوام والعظمة) مستدلاً على ذلك بأقرب شيء إلى الأنظار يُشاهَد على الدوام.
وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في محاجة الخليل (: (فلما جنَّ عليه الليل رأىكوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الأفلين، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون… (. (الأنعام 76- 78) (?) فمن ذا يَرْعى أو يدبر أمر الكون إذا كان الرب يغيب؟ ومثل هذا الكواكب إذا كانت بنورها وبزوغها وضخامتها وعلوها ... فكيف بالأصنام.؟ فقام الدليل على وجوب بطلان هذه الآلهة. (?) .