والشعر هو أرقى فنون القول، وأعلى مراتب الكلام، إنه ((كلام وصناعة وفن)) . لكنه ليس أيّ كلام وأيّ صناعة وأيّ فن إنه في جميع هذه الصور ((الترف الحافل بمعاني القدرة المعبّرة، وذخائرها النفيسة في أبهى الحلل والأثواب حتى بساطته - وهي من أسمى صفاته وغاياته - إنما تكون ترف البساطة الفنيّة بالمذخورات، لا فقرها العاري أو المتكلف)) (?)

وتعريف حمزة للشعر أو وصفه له لا يفي بشرائط الشعريّة مع دقة حمزة شحاتة في عباراته، وتأملاته؛ لأن الشعر كائن يستعصي على الوصف، ومع هذا إذا وضعنا هذا الوصف في سياقه الثقافي والتاريخي الذي قيل فيه بدا أكثر وعياً بالشرائط الفنية للشعر من حيث هو “ تشكيل جمالي لغوي ” لاسيما في زمن المدّ الرمانتيكي الذي أغرق الشعر في دوّامة المشاعر والانفعالات الذاتية. والملاحظ أنَّ جميع الساخطين على تعريفات الشعر - بسبب من قصورها عن إدراك حقيقة الشعر - لم يستطيعوا أن يقدّموا البديل المناسب؛ لأن جمالية الشعر تظل مرتبطة بغموضه واستعصائه على التحديد.

الأسلوب:

والشعر لغة، لأن اللغة هي مادته التي يتشكّل منها، ومعضلة الإبداع تبدأ من صراع الشاعر مع اللغة فهو يستخدم اللغة التي استخدمها شعراء العربيّة قبله، بقوانينها الصوتية والصرفية والنحوية والدلاليّة. فلا يستطيع أن يبني له لغة خاصة في قوانينها ونظامها اللغوي ومع هذا فالإبداع لا يتحقق إلا ببناء لغة داخل هذه اللغة كما فعل شعراء العربيّة الكبار (?) .

والأسلوب ((قوام الشعر كما هو قوام الغناء، أو كما هو قوام كل فاتن وجميل وقويّ ومؤثر في جملة ما يتوقف حصول تأثيره على اجتذاب الرغبة فيه، وإثارة الإعجاب به، وتحريك الميل إليه)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015