هذه المقولة “ الناسفة ” أثارت جدلاً في الوسط الثقافي وقت ظهورها وكان الأستاذ عبد الله عريف أوَّل من اختلف معها - فيما أعلم - فكتب مقالاً مطوّلاً في جريدة “ صوت الحجاز ” بعنوان “ ضريبة الإعجاب ” ذهب فيه إلى أن الإصفاء والإفلاس قد يصحّ في منطق الفكر - بطريق ما - في أجزاء بسيطة من واقع الحياة، لكنه لا يصح في واقع الحياة بصورها، وواقع النفس بمشاعرها وأحاسيسها (?) .
“ الإصفاء والإفلاس ” يكون ((عندما تفقد الصورة الجميلة جمالها. فقداناً ذاتياً يسلبها جمالها، لا فقداناً شعورياً يحسه الناظر إلى تلك الصورة. وأحسب أن أساس هذه النظرة التي قعّد - بتشديد العين - لها الأستاذ هذه القاعدة، إنما هي الصورة الجميلة في الإنسان، وما فقد الجمال الإنساني - في الإنسان الواحد - تأثيره، إلا لأنه لم يعد جمالاً يملأ النفس، ويروي الحس المنهدم، فقد أصيب بالفقدان الذاتي السالب، ولو ضمن لنفسه الاستدامة لظل أثره قوياً فعّالاً)) (?) .
“ فالجمال الإنساني ” هو الذي يفقد تأثيره عندما ترتوي منه النفس، أما “ الجمال الكوني ” و “ الجمال الفكري ” و “ الجمال اللغوي ” فإن إدمان تأملها لا يفضي بها إلى “ الإصفاء والإفلاس ”.
فرقعة السماء، والحقول، وحكم الشعر ودلالات الجمال، والحب والإيمان لاتزال النفوس متعلقة بها رغم إدمان النظر فيها حتى استحالت حقيقة علمية في كهوف اللاشعور (?) .
إنّ إدمان النظر في الجمال عند - عبد الله عريف - يقلّل من أثره لكنه لا يدفع به إلى الإصفاء، والإفلاس كما ذهب شحاتة (?) .