يرى السهيلي أن الشعر كالنثر في الإباحة، وأن المذموم منه هو ما هجي به رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد تحدث عن كراهة رواية أشعار الكفرة، فقال: "لكني لا أعرض لشيء من أشعار الكفرة التي نالوا فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شعر من أسلم وتاب، كضرار وابن الزبعرى، وقد كره كثير من أهل العلم فعل ابن إسحاق في إدخاله الشعر الذي نيل فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الناس من اعتذر عنه، قال: حكاية الكفر ليس بكفر، والشعر كلام، فلا فرق بين أن يروى كلام الكفرة ومحاجتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وردهم عليه منثورا، وبين أن يروى منظوما، وقد حكى ربنا سبحانه في كتابه العزيز مقالات الأمم لأنبيائها، وما طعنوا به عليهم، فما ذكر من هذا على جهة الحكاية نظما أو نثرا، فإنما يقصد به الاعتبار بما مضى، وتذكر نعمة الله على الهدى، والإنقاذ من العمى، وقد قال عليه [الصلاة و] السلام: (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خيرا له من أن يمتلئ شعرا) (?) ، وتأولته عائشة رضي الله عنها في الأشعار التي هجي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنكرت قول من حمله على العموم في جميع الشعر، وإذا قلنا بما روي عن عائشة في ذلك، فليس في الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه، وأما رواية اليسير منه على جهة الحكاية، أو الاستشهاد على اللغة، فلم يدخل في النهي، وقد رد أبو عبيد على من تأول الحديث في الشعر الذي هجي به الإسلام، وقال: رواية نصف بيت من ذلك الشعر حرام، فكيف يخص امتلاء الجوف منه بالذم؟ وعائشة أعلم، فإن البيت والبيتين والأبيات من تلك الأشعار على جهة الحكاية بمنزلة الكلام المنثور الذي ذموا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا فرق، وقول عائشة الذي قدمناه ذكره ابن وهب في جامعه، وعلى القول بالإباحة، فإن النفس تقذر تلك الأشعار، وتبغضها وقائليها في الله، فالإعراض عنها خير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015