وهكذا نجد أن السهيلي مغرى بإثبات النكات البيانية في كتاب الله، وإرشاد العقول إليها، فلا لفظ في كتاب الله إلا وله فائدة لا يؤديها سواه، ولا إطناب إلا لفائدة، وهذا هو سبيل معرفة إعجاز القرآن، يقول: "إن العلم بتنزيل الكلام، ووضع الألفاظ في مواضعها اللائقة بها يفتح لك بابا من العلم بإعجاز القرآن، وابن هذا الأصل تعرف المعنى في قوله تعالى: (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ((المعارج: 4) وقوله تعالى: (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ((الحج: 47) وأنه كلام ورد في معرض التكثير والتفخيم، لطول ذلك اليوم، والسنة أطول من العام كما تقدم، فلفظها أليق في هذا المقام" (?) .
ويشير السهيلي إلى احتراز الآيات القرآنية عن نسبة ما لا يليق بكمال الله عز وجل، يقول في تعقيبه على إحدى الآيات: "قال: (ليذهب عنكم الرجس ((الأحزاب: 33) ولم يقل يذهب به، وكذلك قال: (ويذهب عنكم رجز الشيطان ((الأنفال: 11) تعليما لعباده حسن الأدب معه، حتى لا يضاف إلى القدوس سبحانه لفظا ومعنى شيء من الأرجاس، وإن كانت خلقا له وملكا، فلا يقال هي بيده على الخصوص، تحسينا للعبارة وتنزيها له، وفي مثل النور والسمع والبصر يحسن أن يقال هي بيده، فحسن على هذا أن يقال: ذهب به (?) " (?) .