وفي موضع آخر يطلق مصطلح المشاكلة كما فعل عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب) (?) ، حيث فسر هذا الحديث بناء على المشاكلة تفسيرا بديعا يطابق فيه بين الجزاء في الآخرة المترتب على العمل الصالح في الدنيا، حيث يكون الجزاء من جنس العمل، يقول: "لذكر البيت ههنا بهذا اللفظ ولقوله: ببيت، ولم يقل: بقصر، معنى لائق بصورة الحال، وذلك أنها كانت ربة بيت إسلام، لم يكن على ظهر الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت، وأيضا: فإنها أول من بنى بيتا في الإسلام بتزويجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبتها فيه، وجزاء الفعل يذكر بلفظ الفعل، وإن كان أشرف منه (?) ، لما جاء: (من كسا مسلما على عُري كساه الله من حلل الجنة، ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق) (?) ومن هذا الباب قوله عليه [الصلاة و] السلام: (من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة) (?) لم يرد مثله في كونه مسجدا، ولا في صفته، ولكن قابل البنيان بالبنيان، كما بنى يبنى له، كما قابل الكسوة بالكسوة، والسقيا بالسقيا، فهاهنا وقعت المماثلة لا في ذات المبنيِّ أو المكسو، وإذا ثبت هذا، فمن هاهنا اقتضت الفصاحة أن يعبر عما بشرت به بلفظ البيت، وإن كان فيه ما لا عين رأته، ولا أذن سمعته، ولا خطر على قلب بشر، ومن تسمية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015