ورأى أن النبي عليه الصلاة والسلام نسيج وحده في البلاغة، وهو أجل من أن يخلط مع غيره من الفصحاء، مستدركا بذلك على الجاحظ الذي صحف كلمة نقلها عن يونس بن حبيب بشأن فصاحة عثمان البتي، فنسبها الجاحظ إلى النبي عليه الصلاة والسلام، يقول السهيلي: "وقال الجاحظ في كتاب البيان عن يونس بن حبيب: (لم يبلغنا من روائع الكلم ما بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم) (?) ، وغلط في هذا الحديث، ونسب إلى التصحيف، وإنما قال القائل: ما بلغنا عن البتي، يريد عثمان البتي، فصحفه الجاحظ (?) ، قالوا والنبي صلى الله عليه وسلم أجل من أن يخلط مع غيره من الفصحاء، حتى يقال ما بلغنا عنه من الفصاحة أكثر من الذي بلغنا عن غيره، كلامه أجل من ذلك وأعلى، صلوات الله عليه وسلامه" (?) .
المبحث الثاني: مسائل علم البيان
أولا: التشبيه
عرض السهيلي بعض أمور التشبيه، من ذلك كلمة مثل، فهي عنده ترادف كلمة تشبيه، وتأتي بمعنى المثل (الاستعارة التمثيلية) ، حيث قال عند قوله صلى الله عليه وسلم: (الأنصار كرشي وعيبتي) (?) : "فضرب العيبة مثلا لموضع السر، وما يعتد به من ودهم، والكرش وعاء يصنع من كرش البعير، يجعل فيه ما يطبخ من اللحم، يقال: ما وجدت لهذه البضعة فاكرش، أي إن الكرش قد امتلأ، فلم يسعها فمه، ويضرب أيضا هذا مثلا، كما قال الحجاج: ما وجدت إلى دم فلان فاكرش" (?) .
كما تعرض للكاف من أدوات التشبيه، وبين أنها قد تقحم لتأكيد التشبيه، وربما كان إقحامها معيبا كما في قول الراجز: (?)
* فصيروا مثل كعصف مأكول *