فالهاء الآخرة في "هناه" بدل من الواو في هنوك وهنوات. وكان أصله "هناو" فأبدلت الواو هاء، فقالوا: هَناه (108) . ولعل الذي سوغ مثل هذه الإبدالات هو "أن الهاء أقرب المخارج إلى الألف وهي شبيهة بها (109) ". و "لأن الياء أقرب الحروف شبهاً بالهاء، ألآترى أن الياء مَّدة والهاء نفس، ومن هنالك صار مجرى الياء والواو والألف والهاء في روي الشعر واحد (110) ".
وتبدل الحاء هاء في مثل: كدحه وكدهه، وقحل جلده. وقهل: إذا يبس، والجَلَح والجَلَه: انحسار الشعر عن مقدمة الرأس، وحبش وهبش: أي جمع، وحقحق في السير وهقهق: إذا سار متعباً، وبُحْتُر وبُهْترُ: القصير… (111) .
وسوغ هذا النوع من الإبدال أن الحاء والهاء تتقاربان في المخارج، فالحاء صوت صامت مهموس حلقي احتكاكي، يحدث احتكاكه في الفراغ الحلقي أعلى الحنجرة إذ يضيق المجرى الهوائي في هذا الموضع (112) .
وتبدل التاء هاء في الوقف، في نحو جوزة في الوصل جوزه في الوقف. وحكي قطرب عن طيىء أنهم يقولون: كيف البنون والبناه، وكيف الإخوة والأخواه. فأما التابوه فلغة في التابوت. ووقف بعضهم على اللات بالهاء فقال: اللاهْ (113) .
وذكر السيوطي أن الخاء تبدل من الهاء مثل: اطرَخَمَّ واطرَهَمَّ، إذا كان طويلاً مشرفاً، وبخ بخ به به إذا تعجب من الشيء، وصخدته الشمس وصهدته إذا اشتد وقعها عليه (114) .
وذكر ابن السكيت إبدال الباء من الهاء في البشاشة والهشاشة (115) . وهذه الأنواع من الإبدال وقعت بين أصوات متباعدة المخارج، لأن الإبدال يقع بين الأصوات المتقاربة في الحّيز والمخرج، وبين المتباعدة أيضاً، والأول هو الأغلب حدوثاً (116) . ومع التسليم بأن الإبدال قد يقع بين الأصوات المتباعدة في المخارج إلاّ أنه نادر جداً، وهذا ما ذكره ابن الصائغ بقوله: "قلّما تجد حرفاً إلاّ وقد جاء فيه البدل ولو نادراً (117) ".
متى تكون الهاء حرف روي: