والراجح في نظري هو التفصيل الذي ذكره الشافعية والحنابلة؛ لأن من وكل وكيلين فهو دليل على أنه لايرضى إلاَّ باجتماعهما وتعاونهما إلاَّ أن يجعل لكل واحد منهما الانفراد، فهذا دليل على أنه رضي برأي الواحد.
ولايستلزم توكيل الاثنين الشغب؛ لأنهما لايتصور أن يتكلما في وقت واحد وإنَّما يعين أحدهما الآخر ويبصره بما يحتاج إليه، والله أعلم.
الفصل الثالث: كتصرفات وكيل الخصومة
وفيه تمهيد وثلاثة مباحث:
التمهيد: فيما لوكيل الخصومة فعله وما ليس له فعله بلا نزاع.
الوكيل بالخصومة إمَّا أن يكون من جهة المدعي أو من جهة المدعى عليه، فأمَّا وكيل المدعي، فهو يدعي ويقيم البنية، ويسعى في تعديلها، ويطلب الحكم والقضاء ويفعل ما يقع وسيلة إلى الإثبات.
والوكيل بالخصومة من جهة المدعى عليه ينكر ويطعن في الشهود ويسعى في الدفع بما يُمكنه (?) .
وليس له أن يصالح ولايبري، حكى ابن قدامة الإجماع عليه، فقال: ولايملك المصالحة عن الحق ولا الإبراء منه بغير خلاف نعلمه؛ لأن الإذن في الخصومة لايقتضي شيئاً من ذلك (?) .
وقال الماوردي (?) : وهكذا ليس للوكيل أن يصالح على ما وكل في المطالبة به؛ لأن الصلح إمَّا أن يكون بيعاً، ولايجوز إلاَّ بإذن موكله أو يكون إبراء فلايصح (?) .