لكن هذا الشرط بالنسبة للخصومة يغني عنه في نظري ما مر من اشتراط ثبوت الوكالة؛ لأنّا قد قلنا إن من الشروط المتعلقة بالوكالة بالخصومة ثبوت الوكالة، ومعنى هذا أن الوكيل يدعي الوكالة فهو قد علم بها وإلاَّ لم يدِّعها، والله أعلم.

المبحث السادس: الشرط السادس: أن يكون وكيل الخصومة واحداً لا أكثر

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: تعدد الوكلاء

اختلف العلماء- رَحِمَهُمُ اللهُ - في اشتراط عدم تعدد الوكلاء على قولين:

القول الأول: للمالكية قالوا باشتراط هذا الشرط، وبناءً عليه فلايجوز توكيل وكيلين في الخصومة، وإنَّما يجوز توكيل واحد معين غير مبهم، وسواء كان الموكِّل رجلاً أو امرأة إلاَّ أن يرضى الخصم فيجوز.

بل قال المالكية أيضاً: لو كان الحق لاثنين فقالا من حضر منا خاصم فليس لهما ذلك؛ لأنه كتوكيل وكيلين (?) .

ووجهه: أن في توكيل أكثر من واحدٍ إضراراً بالخصم فلايجوز (?) .

القول الثاني: يجوز توكيل وكيلين فأكثر في الخصومة، وهو قول الجمهور من الحنفية (?) والشافعية (?) والحنابلة (?) ، أي: أن اشتراط عدم تعدد الوكلاء غير معتبر عندهم.

ولعل مستند هذا القول: أنه كما جاز توكيل الواحد يجوز توكيل الاثنين.

ولأن الحاجة كما دعت إلى توكيل الواحد فهي تدعو إلى توكيل الاثنين.

وهذا هو الراجح في نظري فكما لَمْ نعتبر رضا الخصم في توكل الواحد لانعتبره في توكيل الاثنين، والضرر مدفوع؛ فإن القاضي إذا رأى في تعدد الوكلاء إضراراً فله عزل أحدهما، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015