والراجح في نظري - والله أعلم - هو القول بأن الوكالة التي تتعلق بالمال يقبل فيها رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعي؛ لأن المال يثبت بهما فثبوت الوكالة بهما أولى.
وأمَّا فيما عدا ذلك فلايقبل إلاَّ رجلان عدلان لأن الوكالة مِمَّا يطلع عليه الرجال، ويُمكن إقامة البينة عليه فلايقبل فيه إلاَّ رجلان.
والأدلة التي استدل بها من يرى إثباتها برجل وامرأتين، أو برجل ويمين المدعي هي مخصوصة بالمال، والله أعلم.
المسألة الثانية: إثبات الوكالة بتصديق الخصم:
إذا ادّعى شخص أنه وكيل فلان وصدقه الخصم ثبتت الوكالة عند الحنفية (?) والشافعية (?) .
وعند المالكية الظاهر من كلامهم أنها لاتثبت بتصديق الخصم وإنَّما لابد من إثباتها بوسيلة من وسائل الإثبات السابقة.
ففي مواهب الجليل للحطاب قوله: وإذا حضر الوكيل والخصم وتقاررا على صحة الوكالة فلايحكم بينهما بمجرد قولهما؛ لأنه حق لغيرهما يتهمان على التواطؤ، ولو صدق الخصم الوكيل في الدعوى واعترف بالمدعى به لم يجبره الحاكم على دفعه على المشهور حتى يثبت عنده صحة الوكالة) (?) .
قال - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا موافق لما في المعونة وتبصرة اللخمي لكنه مخالف لما ذكره ابن فرحون في الفصل السادس من تبصرته من أن الخصم إذا صدق المدعي للوكالة لزمه دفع الدين إليه، وما ذكره أيضاً في الباب السبعين في القضاء بالإمارات وقرائن الأحوال مِمَّا يؤيد هذا (?) .
والحنابلة في هذا يوافقون المالكية، ففي المقنع قوله: (فإن كان عليه حق الإنسان فادّعى رجل أنه وكيل صاحبه فصدقه لم يلزمه الدفع إليه ... ) (?) .