وأُجيب: بأن الشبهة في غياب الشاهد هي الرجوع فقط أي رجوع الشاهد عن شهادته فيسقط القصاص، وليس هذا قريباً في الظاهر، ولا الغالب؛ لأن الأصل الصدق خصوصاً مع العدالة (?) .
ونوقش الدليل أيضاً: بأن احتمال العفو بعيد، والظاهر أنه لو عفا لبعث بعفوه وأعلم به وكيله، والأصل عدمه (?) .
الدليل الثاني: أن الموكِّل يحتاج إلى التوكيل لعدم معرفته بالاستيفاء، أو لأن قلبه لايحتمل ذلك، ولو منع لانسد باب الاستيفاء أصلاً، فجاز الاسيتفاء بحضرة الموكِّل استحساناً (?) .
ونوقش: بأن هذا المعنى موجود أيضاً مع غيبة الموكِّل فيلزمكم إجازته في غيبته أيضاً.
وأُجيب: بأن شبهة العفو مع غياب الموكِّل قائمة بخلاف حضوره فلاتتمكن فيه شبهة العفو (?) .
القول الثاني: يصح التوكيل باستيفاء القصاص مطلقاً، أي في حال حضور الموكِّل وغيبته، وهو قول المالكية (?) ، وأصح القولين عند الشافعية (?) وقول الحنابلة (?) .
واستدلوا بما يلي:
أولاً: أن القصاص من حقوق الآدميين فجاز التوكيل فيه مع الحضور، ومع الغيبة.
ونوقش: بأنه عقوبة تندرئ بالشبهة ففارق سائر الحقوق.
ويجاب عنه: بأن كونه يندرى بالشبهة لايمنع من صحة التوكيل ويكون الوكيل قائماً في ذلك مقام الأصل.
ثانياً: أن الحاجة تدعو إلى التوكيل؛ لأن من له حق قد لايحسن الاستيفاء، أو لايحب أن يتولاه بنفسه (?) .
ثالثاً: القياس على استيفاء القصاص مع غيبة الشهود فإن احتمال رجوعهم قائم، ومع ذلك يستوفى.