والذي يظهر لي أن القول الثاني أرجح؛ لأنه أليق بتعظيم القرآن وتكريمه، فينبغي أن يصان كلام الله عن كل من يخشى أن ينتهك حرمته، ويدل عليه نهيه (أن يُسَافر بالقرآن إلى أرض العدو إذا خيف أن يقع بأيديهم وذلك فيما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله (( (أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو)) (?) .

وأما ما روي من استكتاب بعض الصحابة والتابعين الكافر لكتابة المصحف، فهذا على تقدير صحته، محمول على اضطرارهم إليه لقلة من يحسن الكتابة في زمنهم من المسلمين، فيكون ذلك من باب الضرورات، وللضرورة أحكامها؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات. والعلم عند الله تعالى.

المطلب الثامن: حكم مس المحدث للقرآن عند الضرورة

إذا خشي المحدث على المصحف من غرق أو حرق، أو نجاسة تصيبه، أو مس كافر له، أو سرقة، أو غصب، ولم يتمكن من الطهارة بالماء أو التيمم قبل وقوع ما يخشاه على المصحف فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يمسه، ويحمله، وإن كان محدثًا حدثًا أكبر، لأن مسه أو حمله، والحالة هذه من باب الضرورة (والضرورات تبيح المحظورات) (?) كما هي القاعدة الفقهية المشهورة.

وقد نص على هذه المسألة المالكية (?) ، والشافعية (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015