وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. قال الرب عز وجل: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» (?) .
وقوله «من قريب» فيه إشارة إلى أن الأجل آت، وكل آت قريب، وتنبيه على أن مدة عمر الإنسان وإن طالت فهي قليلة (?) .
وقد أحسن محمود الوراق في قوله:
قدم لنفسك توبة مرجوة ... قبل الممات وقبل حبس الألسن
بادر بها غلق النفوس فإنها ... ذخر وغنم للمنيب المحسن (?)
ويدخل تحت الآية أيضاً قول من قال: (ثم يتوبون من قريب (، أي: عن قرب عهد بالمعصية من غير إصرار عليها (?) ، لأن من استمر على المعصية وأصر عليها قد تعسر عليه التوبة، وقد لا يوفق لأسبابها، وقد تحول ذنوبه ومعاصيه بينه وبين التوبة، كما قال تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ( [المطففين: 14] ، وقال تعالى: (فلما زاغوا أزاع الله قلوبهم ( [الصف: 5] ، وقال تعالى: (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ( [الأنعام: 110] .
وإذا كانت التوبة تقبل قبل حضور الموت ولو بزمن قليل فقبولها قبل ذلك من باب أولى (?) .
قوله تعالى: (فأولئك يتوب الله عليهم (الفاء عاطفة.
أولئك: إشارة للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب.