المعنى أن الله - سبحانه وتعالى - وحده هو الَّذي يعلم الغيب وأَنَّه لا يظهر عليه أحدًا من خلقه أي لا يطلعه عليه ولا ينبئه به، ووقوع الفعل (يظهر) في حيز النفي يفيد العموم، أي لا يطلع عليه أي أحد كائنًا من كان، وكذلك وقوع المفعول به: (أحدًا) نكرة في سياق النفي يفيد العموم، ثُمَّ استثنى من هذا النفي من ارتضاهم ليطلعهم على بعض غيبه فقال: إِلاَّ من ارتضى من رسول، إذا أراد الله إطلاعه على غيب أراد إظهاره بالوحي، وكذلك ما أراد أن يؤيد به رسوله (من إخبار بما سيحدث أو اطلاع على ضمائر بعض النّاس، فقوله: ارتضى مستثنى من عموم أحدًا، والمعنى: إِلاَّ أحدًا ارتضاه الله أي اختاره للاطلاع على شيء من الغيب لحكمة أرادها الله تعالى أي يطلع الله بعض رسله لأجل ما أراده الله من الرسالة إلى النّاس، فيعلم من هذا أن الغيب الَّذي يُطلع الله عليه الرسل هو من نوع ماله تعلّق بالرسالة وهو غيب ما أراد الله إبلاغه إلى الخلق أن يعتقدوه أو يفعلوه وما له تعلّق بذلك من الوعد والوعيد من أمور الآخرة أو أمور الدنيا وما يؤيد به الرسل عن الإخبار بأمور مغيّبة كقوله تعالى: (غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ ((?) (?) .