قال الحافظ ابن حجر: وقال الشَّيخ محمَّد بن أَبي جمرة: عبّر بالمفاتح لتقريب الأمر على السامع، لأنّ كلّ شيء جعل بينك وبينه حجاب فقد غيب عنك، والتوصل إلى معرفته في العادة من الباب، فإذا أغلق الباب احتيج إلى المفتاح، فإذا كان الشيء الَّذي لا يطلع على الغيَّب إِلاَّ بتوصيله لا يعرف موضعه فكيف يعرف المغيب. انتهى ملخّصًا (?) . يعني أن المفاتح هي الَّتي يتوصل بها لكل غائب عنك، فإذا لم تُعلم فكيف التوصل إلى الغائب؟ وقال ابن حجر: فإِنَّ قيل: ليس في الآية أداة حصر كما في الحديث، أجاب الطيبي بأن الفعل إذا كان عظيم الخطر وما ينبني عليه الفعل رفيع الشأن فهم منه الحصر على سبيل الكناية ولاسيما إذا لوحظ ما ذكر في أسباب النزول من أن العرب كانوا يدّعون علم نزول الغيث، فيشعر بأن المراد من الآية نفي علمهم بذلك واختصاصه بالله - سبحانه وتعالى - (?) .
قلت: في ختام الآية بقوله: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (إشعار بأن هذا الأمر عظيم لا يطّلع عليه إِلاَّ من لا يشاركه أحد في ذلك كما دلّت على ذلك صفتا المبالغة: عليم خبير، والله أعلم، ومن ذلك قوله تعالى لنبيه (: (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ ... ((?) . هكذا أمر نبينا محمَّدًا (، كما أمر بذلك نوحًا (بقوله: (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ... ((?) .
قلت: إن المتتبع لقصص الرسل يعلم منها علم يقين أن الغيب لا يعلمه إِلاَّ الله، وأن الرسل والملائكة لا يعلمون إِلاَّ ما علّمهم الله.