الله، وأنتم يا قريش احذروا أن يحلّ بكم ما حلّ بهؤلاء إذ لا مزية لكم عليهم، وما جاز على المثل يجوز على مماثله، وفي الآية تقرير لنبوته عليه الصلاة والسلام حيث لا يتأتى له أي يقص عليهم قصص الأنبياء والأمم ولم يشاهدها ولم يكن في زمنها ولم يكن يقرأ كتب السابقين لا يتأتى له ذلك إِلاَّ عن طريق وحي من الله - سبحانه وتعالى - كما هو الواقع.

الكلام على آية العنكبوت

قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ((?) . المعنى: أَنَّه عليه الصلاة والسلام ما كان يتلو قبل هذا القرآن من كتاب ولا يكتب بيمينه ولا بشماله أَيضًا أي لا تقدر على خطه كما لا تقدر على تلاوته أي ما كان من عادتك أن تتلو ولا أن تقرأ قبل إيحائنا إليك بهذا القرآن فلو كنت كاتبًا أو تاليًا ثُمَّ أتيت بهذا القرآن لارتاب قومك في شأنك، أي لكان هناك مجال للريبة، فلمّا لم تكن متّصفًا بتلك الصفتين ولا بإحداهما ثُمَّ أتيت بهذا القرآن لم يكن هناك مجال في الارتياب في شأنك، يقول أبو السعود: ... لو كنت ممن يقدر على التلاوة والخط أو ممن يعتادهما لارتابوا وقالوا: لعلّه التقطه من كتب الأوائل، وحيث لم تكن كذلك لم يبق في شأنك منشأ ريب أصلاً (?) .

القسم الثَّاني من أقسام المبحث السادس

تقدّم لنا أن هذا المبحث ينقسم الكلام فيه إلى قسمين: الأَوَّل: إثبات نبوته (، والثَّاني: الإخبار بأن الغيب لا يعلمه إِلاَّ الله، وأن الرسل لا يعلمون منه إِلاَّ ما علمهم الله عن طريق الوحي، وتكلمنا على القسم الأَوَّل، والآن سأتكلم على القسم الثَّاني إن شاء الله تعالى، فأقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015