الطَّاغُوتَ ... ((?) ، فما من نبي بعثه الله إِلاَّ دعا النّاس لعبادة الله وحده إِلاَّ نوحًا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أعطاه الله من الصبر على الدعوة إلى الله ما لم يعطه لأحد من الأنبياء، وذلك بسبب طول عمره ومكثه بين ظهرانَيْ قومه، فقد لبث يدعوهم المدّة الَّتي حدّدها القرآن لنا وهي ألف سنة إِلاَّ خمسين عامًا، فهو أوّل رسول بعث إلى أهل الأرض بعد أن دخلها الشرك، وذلك أن النّاس كانوا من لدن آدم إلى نوح على الحقّ لا يوجد في الأرض شرك بل كانوا أمّة واحدة كما حكى القرآن الكريم عنهم في قوله: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ((?) ، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ((?) ، وفي حديث الشفاعة في الصحيحين وغيرهما عن أَبي هُرَيْرة (( ( ... فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح أنت أوّل الرسل إلى الأرض، وسمّاك الله عبدًا شكورًا)) ... إلخ، الحديث الطويل (?) ، وروى الحاكم في المستدرك بسنده إلى ابن عبّاس قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلّهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشّرين ومنذرين، قال: وكذلك في قراءة عبد الله كان النّاس أمّة واحدة فاختلفوا، وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ ولم يخرجاه، وأقرّه الذَّهبيّ في التلخيص (?) . فنوح أعطاه الله طول الباع، ومنحه درجة من الصبر لم يوفّق لها غيره من الأنبياء، فقد لبث المدّة الَّتي تقدّمت يدعو قومه ليلاً ونهارًا، سرًا وعلانية، ومع ذلك لم يزدادوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015