وأعد هذا البحث مدخلاً أو توطئة لبحوث أو دراسات موسعة تتناول أثر الصحراء في توجيه مسيرة الشعر العربي، وتفصل في أبواب نقاط البحث التي درستها في إيجاز، وتلم بالقضايا الشعرية التي تتصل بالموضوع اتصالاً قريبًا أو بعيدًا؛ وبناء على ما تقدم فمن الممكن أن نطلق على الأدب في العصر الجاهلي والإسلامي أدب الصحراء؛ وأذكر من هؤلاء جريرًا والفرزدق والأخطل، وبشارًا وأبا نواس ومسلم بن الوليد، والمتنبي، وأضرابهم من شعراء الدولة الأموية والعباسية. وأدب الصحراء يمتاز في معظمه بالقوة والمتانة والجزالة والفصاحة في اللغة والأسلوب، إذ هو بمنأى عن رقة المدن التي ربما تفضي إلى ضعف في اللغة والأسلوب، وهذا أمر ملحوظ بين أدب الصحراء وأدب الحاضرة أو المدن، ولهذا السبب لا يستشهد علماء اللغة والنحو بالشعراء الجاهليين الذين قضوا أعمارهم في الحواضر والمدن؛ كعدي بن زيد العِبَادي؛ لأنه نشأ في الحيرة، ولم يأخذوا اللغة عن الحضر، ولا عن القبائل التي كانت تجاور في منازلها أممًا غير عربية (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015