واحْتَجَّ الإمامُ يَحْيى بنُ حَمْزَةَ لهذا الرأي فقال (?) : " والحَقُّ عندَنا في هذه المَسْألَةِ أَنَّ العَامِلَ في المُضَافِ إليه ليسَ الحَرْفُ نفْسُه،ولا الاسْمُ نَفْسُه؛لأنّه يَلزَمُ مَا ذَكَرُوه، وإنّما العَمَلُ يَكُونُ للاسْمِ بِواسِطَةِ نِيَابَتِه عَنْ الحَرْفِ، فعَلى هذا لا يَلْزَمُ إعْمَالُ الاسْمِ؛لأنّه ليسَ عَامِلاً بنَفْسِه، ولا يَلزَمُ عَليه إعْمَالُ الحَرْفِ وهو مُضْمَرٌ،فإنَّ الاسْمَ قد نَابَ عَنْه، ولا يَلزَمُ عليه أنْ يَكُونَ العَامِلُ مَعْنَويّاً؛ فإنَّ الاسْمَ ها هنا لَفْظِيٌّ،فهذا هو الذي يَجْمَعُ المَذاهِبَ ولا يَلزَمُ منه فَسادٌ ".
أمّا الرأيُ الثاني فهو مَذْهَبُ الأخْفَشِ (?) والسُّهَيْليِّ (?) وأبي حيَّانَ (?) ، واحْتَجُّوا لِهذا الرَّأيِ بأنَّ النِّسْبَةَ المَوْجُودَةَ بَينَ المُضَافِ والمُضَافِ إليه هي المُعَرِّفَةُ للمُضَافِ، فهو لا يَقومُ بعَمَلِ التَّعْريفِ كَمَا أَنَّ الحَرْفَ المُقَدَّرَ لا يَقومُ بذلك (?) .
وأمّا الرأيُ الثالثُ فهو مَذْهَبُ الزَّجَّاجِ (?) ،واخْتَلفُوا في العِبارَةِ، فقيلَ: حَرْفٌ مُقَدَّرٌ، وحَرْفٌ مَنْوِيٌّ، وحَرْفٌ مُضَمَّنٌ مَعْنى الإضَافَةِ، ومَعْنى الحَرْفِ،ووَجْهُ هذا الرأيِ هو المَعْنى، فلا يَخْلو في كُلِّ إِضَافَةٍ حَقيقِيَّةٍ مِنْ تَقْدِيرِ حَرْفِ جَرٍّ مُناسِبٍ، والمَعْروفُ عندَ النُّحَاةِ أنّه يُقَدَّرُ أحَدُ ثلاثةِ حُروفٍ، هي: اللامُ و (مِنْ) و (في) (?) .