وأُقِرُّ مَع ابن الباذِشِ أنَّ الأصْلَ في هذه الواو هو العطفُ،ولكنَّها في هذا البابِ تحملُ مدلولاً آخرَ يَخْتلِفُ عَنْ مَدْلولِها في العَطْفِ،كما أُ قِرُّ معَه أنَّه لا يَجُوزُ النَّصْبُ على المَفْعُوليَّةِ إِلاّ في القَليلِ مِنْ الأفعالِ،أمّا قوله: (اسْتَوى الماءُ والخَشَبَةَ) ففيه أَمْران: إِنْ قصَدَ المتَكَلِّمُ أنَّ (اسْتَوى) بمَعْنى:ارْتَفَعَ أو اسْتَقامَ،فلا يَجُوزُ إلاّ النَّصْبُ على المَعِيَّةِ، وإنْ أَرادَ أنّ (اسْتَوى) بمَعْنى: تَسَاوَى جَازَ العَطفُ،فالأوّلُ ما أَرادَه الزّجّاجيُّ،والثاني ما قَصَدَه ابنَ الباذِشِ.

ثانياً: العامل النحوي

العامل في المَفْعُول معه

تَابَعَ ابنُ الباذِش سِيْبَوَيْه وجُمْهُورَ البَصْرِيِّين في العَامِلِ في المَفْعُولِ مَعَه، فهو يَرى أَنَّ العَامِلَ فيه الفِعْلُ بِتَوَسُّطِ الواوِ، ويُشَبِّهُ ابنُ الباذِش هذا العَمَلَ بعَمَلِ الفِعْلِ في المُسْتَثْنى بواسِطةِ أَداةِ الاسْتِثناءِ، ويَرى أَيْضاً أَنَّه لا يَعْمَلُ في المَفْعُولِ مَعَه إلاّ الفِعْلُ، وعَزا ذلك إلى سِيْبَوَيْه (?) .

وقد نَقلَ أبُو حَيَّانَ قولَ ابنِ الباذِش في التذييلِ فقال (?) : " وقال أبو الحَسَن بنُ الباذِش: المَفْعُولُ مَعَه يَعْمَلُ فيه الفِعْلُ بِتَوَسُّطِ الواوِ بِمَنْزِلَةِ حَرْفِ الاسْتثناءِ، إلاّ أَنَّ حَرْفَ الاسْتِثناءِ يُسَلّطُ الفِعْلُ ومعنى الفِعْلِ، ولا يُسَلّطُ الواوَ بمَعْنى مَع إلاّ الفِعْلُ عِنْدَ سِيْبَوَيْه، فهي مَتْروكَةٌ على العَطفِ أَبَداً إِلاّ في الفِعْلِ فإِنَّها تُنْقَلُ مِنْ العَطفِ إلى التّعْدِيَةِ وتَسَلُّطِ الفِعْلِ.انتهى ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015