وأَرَى أَنَّ مَا اعْتَلَّ بِهِ الجُمْهُورُ تَعْليلٌ عَامٌّ يَشْملُ جَمِيعَ حُرُوفِ النَّفْيِ،والنَّفْيُ بابٌ واسِعٌ، فمِنْ حُرُوفِه مَا يَدْخُلُ عَلى الأفْعَالِ، ومِنْه مَا يَخْتَصُّ بالأسْمَاءِ، ومِنْها مَا يَدْخُلُ عَلى الأسْمَاءِ والأفْعَالِ عَلى السَّواءِ، فلا يَجُوزُ أَنْ يُعَامَلَ كُلُّ النَّفْيِ مُعَامَلَةً وَاحِدَةً، ولِذا أَرَى أَنَّ رَأيَ ابنِ الباذِش أَدَقُّ مِنْ غَيْرِه مِنْ الآراءِ، وبِهِ جَاءَ السَّمَاعُ.
المشغول عنه بعد الاستفهام
يَبْدو لِي أَنَّ السّيوطِي قد خَلَطَ بَيْنَ الاسْتِفْهامِ والنَّفْيِ في نِسْبَةِ اسْتِواءِ الرَّفْعِ والنَّصْبِ بعد النفي لابنِ الباذِش، فقد نَسَبَ إليه في الهَمْعِ اسْتِواءَ الأمْرَيْن بَعْدَ الاسْتِفْهَام نَحْوَ: (أَزَيْداً ضَرَبْتَه) (?) ، ولمْ يَذْكُر رَأْيَهُ في النَّفيِ، ولمْ أَجِدْ هذا الرَّأيَ مَنْسُوباً لَهُ عِنْدَ غَيْرِ السّيوطي.
(جُمَع) و (كُتَع) وغيرها من ألفاظ التوكيد أعلام
يَكادُ النُّحَاةُ يُجْمِعون عَلى كَوْنِ (أَجْمَعَ) وأخَواتِه و (جُمَع) وأخَواتِه مِنْ أَلْفاظِ التَّوْكِيدِ مَعَارِفَ، ولمْ يَخْرُجْ عَنْ هذا الإجْمَاعِ إلاّ ابنُ الحاجِبِ ومَنْ تَبِعَه حَيْثُ ذَهَبَ إلى أَنَّ (جُمَع) مُنِعَ مِنْ الصَّرْفِ لعِلَّتَيْن هُما العَدْلُ والوَصْفُ الأصْليُّ (?) .