يَنْقُلُ ابنُ عَطِيَّةَ الأندَلُسيّ رَأْيَ أُسْتاذِه أبي الحَسَنِ بنِ الباذِش في إعْرابِ قَولِهِ تَعَالى: (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنْ المُشْرِكينَ ورَسُوْلُه ( {التوبة 3} فيقولُ (?) : " ومَذْهَبُ الأسْتاذِ يَعْني ابنَ الباذِش عَلى مُقْتَضَى كَلامِ سِيْبَوَيْه أَنَّ لا مَوْضِعَ لِمَا دَخَلَتْ عَليه (أَنَّ) إذْ هو مُعْرَبٌ قد ظَهَرَ فيه عَمَلُ العَامِلِ، وأنَّه لا فَرْقَ بَيْنَ (أَنَّ) وبَيْنَ (لَيْتَ) ،والإجْمَاعُ عَلى أَنْ لا مَوْضِعَ لِمَا دَخَلَتْ عليه هذه " هذا كَلامُ ابنِ عَطِيَّةَ نَقْلاً لمَذْهَبِ ابنِ الباذِش.
ويُفْهَمُ مِنْ هذا الكَلامِ أنَّ عَالِمَنا يَأْخُذُ برَأيِ سِيْبَوَيْه في عَدَمِ جَوَازِ العَطْفِ عَلى مَوْضِعِ اسْمِ (أَنَّ) ، وأَنَّ مَا جَاءَ مِنْها مَرْفُوعَاً كَهذِه الآيةِ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الخَبَرِ، كَأَنَّهُ قالَ: (ورَسُولُه كَذلِكَ) .
ورَفْعُه لا يَكُونُ إلاّ مِنْ ثلاثةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلُهَا مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً مَحْذُوفَ الخَبَرِ،وثانِيْها أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى الضَّمِيرِ المُسْتَتِرِ، والثالثِ العَطْفُ عَلى مَحَلِّ اسْمِ أَنَّ، وهذا مَا لمْ يُجِزْهُ سِيْبَوَيْه (?) وغَيْرُه مِنْ المُحَقِّقين، ويَرَوْنَ أَنَّ العَطْفَ في هذِه المَواضِعِ عَلى الجُمَلِ لا عَلى المُفْرَداتِ، أيْ: العَطْفُ عَلى جُمْلةِ (أَنَّ) واسْمِها وخَبَرِها لا عَلى اسْمِ (أَنَّ) (?) .