أَمَّا ابنُ الباذِش الغَرْناطي فهو يَرَى أَنَّ هذا الفِعْلَ مِنْ الأفْعَالِ التي تَتَعَدَّى إلى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ (?) ،واحْتَجَّ لِهذا الرَّأيِ بالقِياسِ عَلى سَائِرِ أَخَواتِها مِنْ أَفْعَالِ الحَوَاسِ، فهي جَمِيعاً تَتَعَدَّى إلى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ (?) ، واحْتَجَّ أَيْضاً بأَنَّه لَوْ كَانَ مِمّا يَنْصِبُ الاثنَيْن لَسُمِعَ الثاني غَيْرَ جُمْلَةٍ نَكِرِةً ومَعْرِفَةً، فكَوْنُهُم لمْ يُسْمَعْ عَنْهم ذلك دَلَّ عَلى أَنَّ الفِعْلَ المَسْمُوعَ في مَوْضِعِ الحَالِ، فالجُمْلَةُ في نَحْوِ قَوْلِكَ: (سَمِعْتُ زَيْداً يَتَكَلَّمُ) لَيْسَتْ مَفْعُولاً بِه، وإِنَّما في مَوْضِعِ الحَالِ (?) ، والمَسْمُوعُ في الحَقِيقَةِ هو الصَّوْتُ،وهو عَلى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُه:سَمِعْتُ صَوْتَ زَيْدٍ في حَالِ كَلامِه، فصَوْتُ زَيْدٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَلاماً أو غَيْره، واحْتَجُّوا لِهذا بِقَولِه تَعَالى: (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ( {الشعراء72} فالمَعْنى: هَلْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَكُم،عَلى حَذْفِ الدُّعَاءِ بدَليل (إذْ تَدْعُونَ) عَليه (?) ، وقَالوا في قَولِ الشاعِرِ:

سَمِعْتُ النَّاسُ يَنْتَجِعُونَ غَيْثاً فَقُلْتُ لِصَيْدَحَ انْتَجِعِي بِلالا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015